ويشترط كون ما يرمي به حجرا، فلا يجزئ عندنا بالمدر ولا الطين اليابس، ويشترط كون ما يرمي به متعددا، فلو كرر الرمي بحصاة لم يعتد من ذلك إلا بواحدة، ويشترط أيضا رميها متفرقة، فلو رمى السبع دفعة، اعتد بها واحدة، ويشترط الرمي فلو طرحها من غير رمي لم يعتد بذلك على المشهور، ويستحب أن يكبر مع كل حصاة رافعا صوته، والإشارة في قوله: بين ذين، للرمي والتكبير، ويؤمر أن يرميها من أسفلها مستقبلها، جاعلا منى عن يمينه، والبيت الحرام عن يساره، فإن شق لزحام فمن فوقها، ثم رجع مالك - رحمه الله تعالى - إلى أنه لا يرميها إلا من أسفلها.
قوله: ثم انحرن البيت، معناه أنه إذا رمى العقبة فإن كان معه هدي نحره قبل أن يحلق، لقوله سبحانه وتعالى:(ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله) ثم حلق رأسه أو قصره، والحلاق أفضل لدعائه صلى الله تعالى عليه وسلم للمحلقين ثلاثا، وللمقصرين واحدة، ويتعين الحلق على من كان شعره قصيرا جدا، ويمر الأقرع الموسى على رأسه، ويتعين التقصير في حق المرأة الكبيرة، ولا يجوز لها الحلاق، والأولى في تقصير الرجل أن يأخذ من قرب أصول الشعر، والأولى في حق المرأة أن تأخذ من كل شعرة قدر الأنملة، وكل ما يصدق عليه أنه تقصير فهو مجزئ فيهما قل أو كثر، ولا يكفي تقصير البعض فقط، ويستحب أن يأخذ من شاربه ولحيته، ويقص أظافره، ويميط الأذى عن جسده ووجهه ورأسه، ولو قدم ذلك على الحلق في الحج لم يكن به بأس، بخلاف العمرة فيكره له ذلك فيها، لأن التحلل في الحج يقع برمي العقبة، ويستحب أن يبدأ في الحلق بشقه الأيمن كما فعل صلى الله تعالى عليه وسلم، (١) والشأن أن يغسل رأسه بغاسول ونحوه، عند إرادة حلقه.
(١) كما في حديث أنس ـ رضي الله تعالى عنه ـ عند مسلم والإمام أحمد.