وإذا أكمل الرمي فقد تم حجه، وإذا أراد أن يرجع إلى بلاده استحب له أن يطوف طواف الوداع، كما أمر صلى الله تعالى عليه وسلم، (١) وهو على الصفة المتقدمة في طواف القدوم، ويرخص للحائض في تركه، ويستحب أن يأتي بعده زمزم، ويشرب منه، ثم يقف بعده بالملتزم للدعاء، وهو ما بين الباب المعظم، والحجر الأسود، وفي الحجر تحت الميزاب، ثم يقبل الحجر إن أمكنه ذلك، ثم ينصرف إلى بلاده، وإلى هذا أشار بقوله:
٨٢٦ - فإن رميتَ ثالث الأيام ... فانصرفنْ للبلد الحرام
٨٢٧ - وجاز الانصراف حين ترمي ... ثاني الايام بدون إثم
٨٢٨ - والحج قد تم، وطُف مودعا ... ألبيتَ ندبا اِن تردْ اَن ترجعا
ثم شرع يتكلم على العمرة فقال:
٨٢٩ - وافعل في الاعتمار ما مضى إلى ... تمام سعي، فهنا قد كملا
٨٣٠ - فاحلقْ اِذا، أو قصرنْ، تحلا ... والحلق حجا واعتمارا أولى
٨٣١ - وهُو في حق النساء يحظر ... فهْي بتقصير يسير تؤمر
معناه أن العمرة كالحج في ثلاثة من أركانه، وهي الإحرام، والطواف، والسعي، على ما تقدم بيانه في ذلك كله، فإذا تم سعيه حلق أو قصر على ما تقدم بيانه، وحل له كل شيء مما حرم عليه بالإحرام، واختلف في الحلق في العمرة هل هو ركن، أو واجب غير ركن وهو المعول، وهي سنة مرة في العمر، ويكره تكرارها في العام الواحد، خلافا لمطرف وابن المواز، حيث قالا بالجواز، واختاره اللخمي -رحمهم الله تعالى جميعا ـ
٨٣٢ - وجاز للمحرم قتل الاسد ... ونحوه من كل وحش معتد
٨٣٣ - وهكذا الكلب العقور الحيه ... وعقربٌ والشبهُ في الأذيه
٨٣٤ - وهكذا الكلام في الفئران ... أيضا، والاحديةِ، والغِربان
٨٣٥ - واجتنب المخيطَ من ثياب ... كالصيد والنساء والأطياب
٨٣٦ - كذاك إلقا تَفَث، كقتل ... نحو بعوض مثلا وقمل
٨٣٧ - ولا يغطِّ رأسَه أو يحلقا ... شعرَه إلا لضر لحِقا
(١) كما في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس ـ رضي الله تعالى عنهما ـ.