للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: وجاز للمحرم قتل الأسد الأبيات الثلاثة، معناه أن قتل هذه الأشياء المذكورة جائز للمحرم في الحل والحرم، إذا كان لدفع أذاها لا بنية الذكاة، لأن ذلك اصطياد، وقد قال سبحانه وتعالى: (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) وإنما جاز قتلها لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " خمس فواسق يقتلن في الحرم: الفأرة، والعقرب، والحُدَيَّا، والغراب، والكلب العقور " (١) وفي بعض ألفاظه ذكر الحية، (٢) ووصف الغراب بالبقع، والبقع في الطير والكلاب بمنزلة البلق في الدواب، والسباع المعتدية ملحقة بالكلب، من باب أولى، فهي فحوى خطاب، بل يحتمل أن المراد بالكلب ما يعمها، بل ذهب البغض إلى أن المراد بالكلب السباع خاصة، وهو غريب، واختلف في الصغار التي لا تؤذي من الغربان والأحدية والسباع، ووجه الخلاف مراعاة عموم اللفظ، والتخصيص بالعلة، والمشهور جواز قتل الأحدية والغربان وإن لم تؤذ.

قوله: واجتنب المخيط من ثياب، معناه أنه يجب على المحرم اجتناب المخيط من الثياب، قال سيدي زروق -رحمه الله تعالى -: المراد به ما يستمسك بنفسه، بخياطة كان أو نسج، أو غيره من ربط أو زر ونحوه.

وذلك لما في الصحيح من أن رجلا سأل رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ عما يلبس المحرم من الثياب؟

فقال: " لا يلبس القميص، ولا العمامة، ولا السراويل، ولا البرنس، ولا ثوبا مسه الورس أو الزعفران، فإن لم يجد النعلين، فليلبس خفين، وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين " (٣) قال القاضي عياض -رحمه الله تعالى -: أجمع المسلمون على أن ما ذكر في هذا الحديث لا يلبسه المحرم، وأنه نبه بالقميص والسراويل، على كل مخيط، وبالعمائم والبرانس على كل ما يغطى الرأس به محيطا أو غيره، وبالخفاف على كل ما يستر الرجل.


(١) متفق عليه.
(٢) وقع ذكر الأمرين في رواية مسلم عن عائشة ـ رضي الله تعالى عنها.
(٣) متفق عليه، واللفظ للبخاري.

<<  <   >  >>