قوله: وأكل ميتة البيتين، معناه أن أكل الميتة للضرورة والشبع منها والتزود حتى يظفر ببدل عنها جائز، بمعنى أنه غير حرام، وإلا فهو واجب، والمضطر هو الذي اشتدت حاجته إلى الطعام بحيث يخاف على نفسه الهلاك إذا لم يأكل، ولا يلزمه الصبر إلى الإشراف، لأن الأكل لا ينفعه حينئذ، والأصل في هذا قوله سبحانه وتعالى:(فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم)
وما ذكره الشيخ من الشبع والتزود هو المشهور، وهو قول سحنون - رحمه الله تعالى -وأكثر أهل المذهب، وجاء عن مالك - رحمه الله تعالى - أنه لا يزيد على سد الرمق، ولا يتزود منها، ووجه الأول أن الاضطرار لا يرتفع إلا بوجود ما يستغني به عنها، وقصة السرية مع العنبر، حيث أقاموا عندها شهرا يأكلون ويدهنون، وتزودوا منها وهم يعتقدون أنها ميتة (١).
(١) متفق عليه، وفي بعض رواياته عند البخاري أن أبا عبيدة ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال: ميتة، ثم قال: لا، بل نحن رسل رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ وفي سبيل الله سبحانه وتعالى، وقد اضطررتم فكلوا، قال جابر ـ رضي الله تعالى عنه ـ: فأقمنا عليه شهرا، ونحن ثلاثمائة حتى سمنا.