للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: وذائب السمن إلخ، أشار به إلى أن الأطعمة المائعة كالزيت، والسمن الذائب، والعسل، واللبن وغيرها، إذا وقعت فيها نجاسة، تصير نجسة، فيجب طرحها، ولا يجوز أكلها، ولا بيعها، وهذا بخلاف الطعام الجامد، فإنه إنما ينجس منه ما ظن وصول النجاسة إليه خاصة، فإن طال مكثها به حتى ظن سريانها في جميعه طرح كله، والوجه في هذا حديث الفأرة المعروف بألفاظه المختلفة (١).

قوله: ولكن الزيوت الاستصباح البيت، معناه أنه يجوز الاستصباح بالزيوت المتنجسة، وقد وقع التصريح بذلك في حديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - وهذا في غير المسجد، إذ لا يجوز إدخال النجاسة فيه، لحديث الأعرابي (٢) وغيره، ويجوز أن ينتفع بالمتنجس في غير طعام الآدمي وشرابه، كأن يتخذ منه صابون، أو يعلف للدواب، أو تسقى به الزروع، وذلك لحديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - الذي وقع فيه التصريح بالانتفاع، وأما طعام الآدمي وشرابه فلا يجوز أن يدخل فيه شيء متنجس، لحديث الفأرة المتقدم وغيره، وأما عين النجاسة فلا يجوز الانتفاع بها لنهيه صلى الله تعالى عليه وسلم عن طلي السفن بشحوم الميتة (٣).


(١) روى البخاري عن أمنا ميمونة ـ رضي الله تعالى عنها ـ أن رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ سئل عن فأرة سقطت في سمن، فقال: " ألقوها وما حولها فاطرحوه، وكلوا سمنكم " ورواه أبو داود والترمذي والنسائي والدارمي والإمام أحمد.
ورواه الإمام أحمد عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ بإسناد على شرط الشيخين بلفظ " إن كان جامدا فخذوها وما حولها، وكلوا ما بقي، وإن كان مائعا فلا تأكلوه " وروى الطحاوي " وإن كان مائعا فاستصبحوا به أو انتفعوا به " وقال إن رجاله ثقات.
(٢) " إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن " رواه مسلم والإمام أحمد.
(٣) متفق عليه.

<<  <   >  >>