ويشترط في الصائد التمييز ضرورة وجوب النية، فلا يؤكل صيد مجنون، ولا سكران، ولا صبي غير مميز، لأنه في معنى الميت حتف أنفه، فكان من قبيل الميتة، وأما المصيد فقد عرف من تعريف الصيد مصدرا، إلا أن البحري لا يجري فيه شيء من التفاصيل المتقدمة، لجواز الميت منه حتف أنفه كما في قصة العنبر وغيرها، وأما المصيد به فهو نوعان، الأول الجارح، ويشترط فيه التعليم والإرسال، فلو خرج دونه ثم أغراه فقيل يباح، وثالثها إن زاده ذلك قوة وانشلاء، ويشترط أن يواصل الطلب من بعثه له إلى اصطياده، قال في المدونة: ومن أرسل كلبه أو بازه على صيد فطلبه ساعة، ثم رجع عن الطلب، ثم عاد فقتله، فإن كان كالطالب له يمينا وشمالا، أو عطف وهو على طلبه، فهو على أول إرساله، وإن وقف لأكل الجيفة، أو شم كلبا، أو سقط البازي عجزا عنه، ثم رأياه فاصطاده، فلا يؤكل، إلا بإرسال مؤتنف، نقله في التاج.
والتعليم قال في الكافي: أن يشلى فيشتلي، ويزجر فينزجر، ويرسل فيسترسل، ويطيع إذا نبه، ويسارع إذا صيح عليه، ويتكرر منه ذلك كله حتى يعلم أنه قد فهم وتعلم، قال: فهذا حد التعليم لا ما سواه، وليس بأن لا يأكل، والباز في ذلك والكلب سواء.
الثاني السلاح، ويشترط فيه التحديد، قال ابن عرفة: ابن حبيب عن ابن القاسم - رحمهم الله تعالى جميعا -: لا يعجبني أكل صيد رمي بحجر حاد يذبح به، إذ لعله بعرضه، الباجي -رحمه الله تعالى -: يريد ولو علم إصابته بحده أكل.
وأما الاصطياد فهو بإرسال الجارح، أو إطلاق غيره بنية مع التسمية، على ما تقدم.