قوله: كذا الذي اصطدت بسهم أو رماح الأبيات الأربعة، معناه أن المصطاد بالسهم أو الرمح إن قتلاه أو أنفذا منه مقتلا كفى ذلك في ذكاته، ما لم يبت، فإن أدركه حيا تعين أن يذكيه بما تقدم في ذكاة الحيوان الإنسي، إلا أن يبادر فيموت قبل ذلك، فيؤكل أيضا، وهذا إذا كان غير منفوذ مقتل، فإن كان منفوذ مقتل استحب ذبحه فقط، إراحة له، وفي الموطإ عن مالك - رحمه الله تعالى - أنه سمع أهل العلم يقولون إذا أصاب الرجل الصيد فأعانه عليه غيره من ماء أو كلب غير معلم لم يؤكل ذلك الصيد، إلا أن يكون سهم الرامي قد قتله، أو بلغ مقاتل الصيد حتى لا يشك أحد في أنه قتله، وأنه لا يكون للصيد حياة بعده، قال يحيى: وسمعت مالكا - رحمهما الله تعالى - يقول: لا بأس بأكل الصيد وإن غاب عنك مصرعه إذا وجدت به أثرا من كلبك، أو كان به سهمك، ما لم يبت، فإذا بات فإنه يكره أكله.
وقال في المدونة: قال مالك - رحمه الله تعالى -: من توارى عنه كلبه والصيد، ثم وجده ميتا فيه أثر كلبه أو بازه أو سهمه وهو فيه أكله، وإن لم يجده إلا آخر النهار، ما لم يبت، فإن بات فلا يأكله، وإن أنفذت مقاتله الجوارح أو سهمه وهو فيه، قال ابن القاسم - رحمه الله تعالى -: أما السهم فلا بأس بأكل ما أنفذ مقاتله وإن بات، وقاله أصبغ - رحمه الله تعالى - قال: وقد أمن عليه مما يخاف الفقهاء أن يكون موته من غير سبب السهم، قال: ولم نجد لرواية ابن القاسم هذه عن مالك - رحمهما الله تعالى - ذكرا في كتب السماع، ولا رواها عنه أحد من أصحابه، ولم نشك أن ابن القاسم وهم فيها.