قوله: وقاتل الكفار البيت، معناه أن الكفار يقاتلون مع البر والفاجر من ولاة الأمر، إذ لو ترك القتال مع الجائر - كما كان مالك رحمه الله تعالى يقول به أولا - لكان ذلك ضررا على الإسلام، وخذلانا عظيما للمسلمين، قال في التاج: ابن حبيب: سمعت أهل العلم يقولون لا بأس بالغزو معهم وإن لم يضعوا الخمس موضعه، ولم يفوا بعهد، وإن عملوا ما عملوا، وقاله الصحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ حين أدركوا من الظلم، فكلهم قال: اغز معهم على حظك من الآخرة، ولا تفعل ما يفعلون من فساد وخيانة، ابن بشير: اختلف في معاونة ولاة الجور في الجهاد، والولايات، والأحكام، والأصل في هذا أنه من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فتنظر من توجه ذلك عليه أو دعي إليه هل يؤديه الدخول فيه إلى أمر عظيم مما يدعو إليه فلا يجوز له الدخول، أو يؤديه تركه إلى مضرة تطرأ على المسلمين أو عليه في نفسه، فيجوز له الدخول، أصل هذا تركه صلى الله تعالى عليه وسلم الأعرابي يبول في المسجد خوف مضرة أشد، وتركه صلى الله تعالى عليه وسلم بناء الكعبة المشرفة على ما هو الحق، خيفة على اعتقاد من لم يتمكن الإيمان في صدره.