وولي عثمان قال الحسن: فأقام للناس كما فعل عمر، فكان العطاء دارّاً، والعدو منفي، وما على الأرض مؤمن يخاف مؤمنا أن يسل عليه سيفا، قال ابن سيرين: كثر المال أيامه حتى بيعت الجارية بوزنها وفرس بمائة ألف درهم، قال ابن حبيب: وكان على منهاج من قبله في النفقة من ماله قصدا وتنزها، قال: وولي علي - رضي الله تعالى عنه - فسار في قسم المال بالعراق بسيرة عمر، غير أنه لم يفاضل بين الناس، قال: وأخبره صاحب بيت ماله أنه امتلأ من صفراء وبيضاء، ففتحه ثم قسمه بين الناس، وأمره بكنسه، وتنزه أن ينفق من مال الله سبحانه وتعالى شيئا.
وتستثنى من قسم الغنيمة قال ابن شاس: أراضي الكفار المأخوذة بالاستيلاء قهرا وعنوة، تكون وقفا يصرف خراجها في مصالح المسلمين، وأرزاق المقاتلة، والعمال، وبناء القناطر والمساجد، وغير ذلك من سبل الخير، ولا تقسم، وظاهر الشيخ - رحمه الله تعالى - أن الغنيمة تقسم بعينها، ولا تباع ليقسم ثمنها، قال سيدي زروق - رحمه الله تعالى -: الباجي: والأظهر عندي قسمة ذلك لفعله صلى الله تعالى عليه وسلم، ولأن حقوقهم متعلقة بعينه، وإنما كان قسمها ببلد الحرب أولى لأنه أبلغ في نكاية العدو، وقال في المدونة: وهم أولى برخصها، ولأنه أبعد من الضياع، لأن من حاز سهما حفظه، وإذا كان الأمر شائعا كان الحفظ متراخيا.
قوله: والنفل منه البيتين، معناه أن النفل يكون من الخمس المذكور، ولا يكون من الأخماس الأربعة، لأن الله سبحانه وتعالى جعل الأخماس الأربعة للمجاهدين على ظاهر قوله عز وجل:(واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه) الآية، فلا يجوز للإمام أن يتصرف فيها بإيثار بعضهم على بعض، وذهب علماء الشام وبعض علماء العراق إلى أنه يكون من جملة الغنيمة، والنفل أن يزيد الإمام مجاهدا على سهمه، أو يهب لمن لا يسهم له، ولا يجوز للإمام أن يفعله إلا لوجه كشجاعة، أو اختصاص بفعل كحراسة، أو نحو ذلك.