وأما الدم الخارج لعلاج، فإن كان استعمال العلاج لأجل تأخره عن وقته فالخارج لأجله حيض، على ما استظهره الحطاب، وهو بين جدا، قال: لأن تأخر الحيض إذا لم يكن حمل، إنما يكون لمرض، فإذا جعل الدواء لرفع المرض لم يخرجه عن كونه حيضا، وإن كان استعمال العلاج لتعجيله عن زمنه المعتاد، فقد سئل عن ذلك المنوفي هل تحصل به البراءة من العدة، فأجاب بأن الظاهر أنها لا تحل به، وتوقف عن ترك الصلاة والصيام، واستظهر خليل عدم تركهما على بحثه، وذلك أنه اعتبره مشكوكا، فلم يعتد به في الاعتداد، لأن الشك في السبب لغو، وكذلك الشك في المانع، فلا تسقط به الصلاة، ولم أقف على شيء في وطئها، ولو قيل بسؤال أهل المعرفة والعمل بقولهم في ذلك كله لم يكن بعيدا، وأما إن كان استعمال العلاج لتأخيره عن وقته فقد سئل عن ذلك مالك - رحمه الله تعالى - فقال: ليس ذلك بصواب وكرهه، قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: إنما كرهه مخافة أن تدخل على نفسها ضررا بذلك في جسمها، وكذلك الحال أيضا في شرابها علاجا تستعجل به الطهر، قال ابن كنانة: يكره ما بلغني أن يصنعنه يتعجلن به الطهر من الحيض من شراب الشجر، والتعالج بها وبغيره، قال ابن رشد - رحمه الله تعالى: - المعنى في كراهة ذلك ما يخشى أن تدخل على نفسها من الضرر بجسمها بشرب الدواء الذي قد يضرها، قال الحطاب: فعلم من كلام ابن رشد أنه ليس في ذلك إلا الكراهة خوف ضرر جسمها، ولو كان ذلك لا يحصل به الطهر لبينه ابن رشد رحمه الله تعالى.
وقوله: والحيض قد تعروه البيت، أشار به إلى أن الكدرة والصفرة والترية حيض، وفي المدونة قال ابن القاسم: وإذا رأت صفرة أو كدرة في أيام حيضتها أو في غيرها فهو حيض، وإن لم تر معه دما انتهى