وأما الكسوة فلا يجزئ فيها إلا ما تحل به الصلاة، حملا للكسوة على معناها الشرعي، وذلك ثوب للرجل، ولا تجزئ عمامة وحدها، قال ابن عرفة: الباجي: لا نص في ما يؤتزر به ولا يشتمل به، والأظهر منعه لأنه ليس كسوة.
وتعطى المرأة درعا وخمارا، قال ابن العربي ـ رحمه الله تعالى ـ: وما كان أحرصني على أن يقال: إنه لا يجزئ إلا كسوة تستر عن أذى الحر والبرد، كما أن عليه طعاما يشبعه من الجوع، فأقول به، وأما القول بمئزر واحد فلا أدريه، والله يفتح لي ولكم في المعرفة بعونه، قال القرطبي: قد راعى قوم معهود الزي والكسوة المتعارفة، فقال بعضهم لا يجزئ الثوب الواحد إلا إذا كان جامعا مما قد يتزيا به كالكساء والملحفة.
واختلف في كسوة الصغير، فقيل يعطى الصغير كسوة كبير، والصغيرة كسوة كبيرة كالطعام، قاله ابن القاسم، وقال أشهب تكسى الصغيرة التي لم تبلغ الصلاة الدرع دون الخمار، وظاهره الدرع الذي يصلح للباسها، فإذا بلغت الصلاة أعطيت الدرع والخمار، وروى ابن المواز عن ابن القاسم أنه لم يعجبه كسوة الأصاغر، وكان يقول من أمر بالصلاة فله الكسوة قميصا، وقيل يعطى صغار الإناث ما يعطى كبار الرجال قميصا كبيرا، نقله ابن ناجي.
ولا يراعى في الكسوة كونها وسط كسوة أهله، قال اللخمي: ولو كانت الكسوة كالإطعام يراعى فيها المكفر وأهله لكسى الرجل ذو الهيئة كسوة مثله من أعداد القمص والعمامة وما عليها والسراويل والنعلين والشمشكين، وفي المرأة كسوة أهله من حرير أو خز إن كانت تمتهن ذلك في بيتها، نقله ابن عرفة.
وهذا بين على رأي من يرى أن المراد بالأهل في الآية أهل المكفر لا أهل البلد، ونسبه في التوضيح لكتاب محمد قال: لأن إطلاق الأهل على أهله حقيقة، وعلى أهل البلد مجاز، ونسب خلافه للمدونة.