قوله: أما إذا حرم البيتين، معناه أنه إذا حرم شيئا مما أحل الله سبحانه وتعالى له، لم يحرم عليه بذلك إلا الزوجة، فإنه إذا حرمها صارت بتة، وذلك كأن يقول زوجتي حرام، أو إن فعلت كذا فزوجتي حرأم وفعله، فتطلق عليه ثلاثا اتفاقا عندنا كما قال سيدي زروق - رحمه الله تعالى - وكذلك إذا قال الحلال علي حرام، أو إن فعلت كذا فالحلال علي حرام وفعله، فتطلق عليه زوجاته ثلاثا ثلاثا على المشهور، قال في التاج: ووقع لابن رشد - رحمه الله تعالى - في من قال لغريمه: احلف لي بالطلاق، فأبى أن يحلف بالطلاق، فقال: احلف لي بالحلال عليك حرام، فحلف وهو جاهل بأن الحلال عليه حرام يدخله الطلاق، فحنث في يمينه، قال ابن رشد: إن أتى مستفتيا جرى ذلك على الاختلاف في مجرد اللفظ دون النية هل يلزم به الطلاق أم لا، والأظهر أنه لا يلزم، وكذلك الحكم في كنايات الطلاق البينة.
قوله: واكتفين البيتين، معناه أن من جعل ماله صدقة على المساكين، أو هديا للكعبة المشرفة كفاه أن يتصدق بثلثه، أو يهدي ثلثه، ولا يقضى عليه بذلك، إن جعله لغير معين كالمساكين، وإن جعله لمعين لم يقض عليه أيضا إن كان ذلك في يمين، وإن لم يكن في يمين قضي له بجميعه، واختلف في مسجد معين هل هو كشخص معين، فيقضى عليه فيه، أو كالمساكين فلا يقضى عليه فيه.
قوله: إلا فتبعيضا ذر، يعني به أنه إذا عين شيئا لزمه، وإن لم يكن له غيره، كأن يقول ناقتي صدقة إن فعلت كذا وفعله وليس له غيرها، وكذلك إذا عين شخصا كأن يقول على زيد، فيترك له من ماله ما يترك للمفلس، قال في المواهب: والضابط في ذلك أنه حيث أبقى لنفسه شيئا لزمه ما نذر، وحيث لم يبق لزمه الثلث، وإنما لزمه إذا نذر جميعه لشخص لأن المستحق له معين يطالب به، وإنما لزمه إذا نذر شيئا معينا وكان ذلك جميع ماله كما سيأتي في كلام المصنف لأنه قد أبقى شيئا ولو ثياب بدنه وما لم يعلم به من المال.