قال في المقدمات: وقال عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه -: لا تغالوا في مهور النساء فإن ذلك لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله عز وجل كان أوليكم به النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم - ما أصدق امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثني عشر أوقية، ألا وإن أحدكم ليغلي صداق امرأته حتى يبقي لها عداوة في نفسه، فيقول لها: لقد كلفت لك حتى علق القربة.
هذا وقد سئل مالك - رحمه الله تعالى - عمن يكتسب مالا حراما فيتزوج به أيخاف أن يكون ذلك مضارعا للزنى؟
فقال: إني والله العظيم لأخافه ولكن لا أقوله.
ابن رشد: وجه اتقاء مالك أن يكون فعله مضارعا للزنى هو أن الله سبحانه وتعالى إنما أباح الفرج بنكاح أو بملك يمين، وقال صلى الله تعالى عليه وسلم:" لا نكاح إلا بولي وصداق " فنفى أن يكون نكاحا جائزا إلا على هذه الصفة، والمتزوج على حرام لم يتزوج بصداق، إذ ليس المال الحرام بمال، فإذا وطئ به فقد وطئ فرجا بغير ملك يمين ولا نكاح أباحه الشرع، نقله في المواهب.
وأما الإشهاد فقد تقدم الحديث فيه، وهو واجب عندنا قبل الدخول، مستحب عند العقد، فإذا أشهدا عند العقد كفى ذلك، وإن لم يشهدا عنده صح النكاح ولا يجوز الدخول حتى يشهدا، وهذا إن لم يقصدا إلى الاستسرار بالعقد، قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: فإن تزوج ولم يشهد فنكاحه صحيح، ويشهدان في ما يستقبل، إلا أن يكونا قصدا إلى الاستسرار بالعقد فلا يصح أن يثبتا عليه، لنهيه عليه الصلاة والسلام عن نكاح السر، ويؤمر أن يطلقها طلقة ثم يستأنف العقد، فإن دخلا في الوجهين جميعا فرق بينهما وإن طال الزمان بطلقة، لإقرارهما بالنكاح، وحدا إن أقرا بالوطء إلا أن يكون الدخول فاشيا، أو يكون على العقد شاهد واحد فيدرأ الحد بالشبهة.