وأما المعتادة فكان مالك - رحمه الله تعالى - يقول أكثر دهره إذا تمادى بها الدم جلست خمسة عشر يوما من أيام الدم، وما لم تر فيه دما من الأيام ألغته، فإذا استكملت خمسة عشر يوما من أيام الدم اغتسلت وصنعت ما تصنع المستحاضة، ثم رجع وقال: أرى أن تستظهر بثلاثة أيام بعد أيام حيضتها، ما لم تجاوز خمسة عشر يوما، قال عنه ابن وهب: ورأيت أن أحتاط لها فتستظهر وتصلي، قال الأبهري: فهذه علة مالك في الاحتياط للصلاة، وأما القياس فهو أن تترك الصلاة إلى خمسة عشر يوما، لثبوت حكم الحيض فلا تنتقل عنه إلا بيقين، وليس الاحتياط في صلاة الحائض مع جواز أن تكون غير حائض أولى بترك صلاتها مع جواز أن تكون حائضا، لأن صلاة الحائض ممنوعة بالشرع، كما أن ترك صلاة الطاهر ممنوعة بالشرع، وإذا تساوى هذان الأمران جميعا رجعنا إلى أصل الحيض وحصوله فعلمناه، فهذا هو أصل قول مالك المعول عليه، والقول الآخر استظهار على ما فسرنا نقله في الجامع بأطول من هذا.
واختلف فيها -على ما رجع إليه مالك رحمه الله تعالى من الاستظهار -في ما بين الاستظهار وبين خمسة عشر يوما، فقيل هي طاهر حقيقة، وهو مذهب المدونة، وقيل: تحتاط، فتصوم وتصلي ولا يأتيها زوجها، فإذا أتمت خمسة عشر يوما اغتسلت وقضت صيامها، وعلى هذا القول فهم الأبهري وابن الجهم واللخمي وغيرهم رواية ابن وهب التي في المدونة كما في التوضيح.