وأما الحامل فقد اختلف في ما تراه هل هو حيض، وهو المشهور في المذهب، وهو قول مالك -رحمه الله تعالى -وروى في الموطإ عن عائشة -رضي الله تعالى عنها -أنها كانت تُفتيهن بذلك، أو ليس بحيض، وهو لابن لبابة، وفُهم من قول ابن القاسم في من اعتدت بحيض ثم ظهر حملها: لو علمته حيضا مستقيما لرجمتها، والوجه فيه ما ورد من النصوص في الاستبراء بالحيض، وقال الداودي: لو أخذ فيها بالأحوط تصلي وتصوم وتقضي ولا توطأ لكان أحوط، نقله ابن عرفة رحمه الله تعالى في مختصره.
واختلف على المشهور من أنها تحيض إذا استرسل عليها، فقال مالك -رحمه الله تعالى - في المدونة: تمسك عن الصلاة قدر ما يجتهد لها، وليس في ذلك حد، وليس أول الحمل كآخره، وقال ابن القاسم: إن رأته في الثلاثة أشهر ونحوها تركت الصلاة خمسة عشر يوما ونحوها، وإن رأته بعد ستة أشهر من حملها تركت الصلاة ما بين العشرين ونحوها، قال ابن ناجي: واختلف أصحابنا من التونسيين هل هو خلاف لقول مالك السابق، أو هو تفسير له انتهى
وروى أشهب -رحمه الله تعالى -أنها كالحائل تمسك أيام حيضتها -يريد والاستظهار ـ قال: أرأيت من قعدت عن الحيض سنة وهي ممن تحيض، ثم أتاها الحيض بعد ذلك أليس هذا دما قد احتبس واجتمع أفتريد هذه أيضا أن تقعد مقدار ذلك الحيض كله؟! إلى أن قال: ولقد سمعت مالكا يقول واستفتته امرأة وهي في خمسة أشهر أو ستة، فقالت له: كانت أيام حيضتي ستة أيام، واليوم لي سبعة أيام، فقال لها: أقيمي يومين آخرين استظهارا، ثم اغتسلي وصلي، وقال ابن حبيب عن ابن الماجشون: تجلس خمسة عشر يوما كان في أول الحمل أو في آخره، للاختلاف فيه، فإن بعض السلف لا يراه حيضا، انظر الجامع.