قال الجوهري: الظهار: قول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي، وقد ظاهر من امرأته وظهر من امرأته تظهيرا كله بمعنى، قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: الظهار: تشبيه الرجل وطء من تحل له من النساء بوطء من تحرم عليه منهن تحريما مؤبدا بنسب، أو صهر، أو رضاع، وكانت العرب تكني عن ذلك بالظهر، فتقول امرأتي علي كظهر أمي، ولذلك سمي ظهارا، لأنه مأخوذ من الظهر، وإنما اختص الظهر بالتحريم في الظهار دون البطن والفرج وسائر الأعضاء وإن كانت أولى بالتحريم منه لأن الظهر موضع الركوب، والمرأة مركوبة عند الغشيان، فإذا قال الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي، فإنما أراد أن ركوبها للنكاح عليه حرام، كركوب أمه للغشيان، فأقام الركوب مقام النكاح لأن الناكح راكب، وأقام الظهر مقام المركوب لأنه موضع الركوب، وهذا من لطيف الاستعارة للكناية، إلى أن قال: وكان الظهار في الجاهلية طلاقا وفي أول الإسلام، إلى أن أنزل الله عز وجل (قد سمع الله) إلى قوله: (إن الله لعفو غفور) فأخبر تعالى أن لفظ الظهار الذي كانوا يطلقون به نساءهم منكر من القول وزور، والمنكر من القول هو الذي لا تعرف حقيقته، والزور: الكذب، وإنما قال سبحانه وتعالى فيه إنه كذب لأنهم صيروا به نساءهم كأمهاتهم، وهن لا يصرن كأمهاتهم ولا كذوي محارمهم، لأن ذوي المحارم لا يحللن له أبدا، وليس كذلك الأجنبيات، فأخرجه عز وجل من باب الطلاق إلى باب الكفارة، ثم أعلمنا كيف يكون الحكم في ذلك فقال سبحانه وتعالى:(والذين يظهرون من نسائهم) إلى قوله سبحانه وتعالى: (وللكافرين عذاب أليم).