للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: ومن من امرأته إلى قوله: حتى يكفر، معناه أن من ظاهر من زوجته أو أمته لم يحل له وطؤها حتى يكفر لقوله سبحانه وتعالى: (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا) واختلف في ما دون الوطء، قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: واختلف في قوله سبحانه وتعالى: (من قبل أن يتماسا) فحمله أكثر أهل العلم على عمومه، فقالوا لا يقبل المظاهر ولا يباشر ولا يمس حتى يكفر، وهو مذهب مالك وأكثر أصحابه، وقال الحسن وعطاء والزهري وقتادة ليس على عمومه، والمراد به الوطء خاصة، فللمظاهر أن يقبل ويباشر ويطأ في غير الفرج، وإنما نهي عن الجماع، واختلف الذين حملوا الآية على عمومها في الوطء وما دونه إن قبل أو باشر في خلال الكفارة قبل أن يتمها فقال أصبغ وسحنون يستغفر الله سبحانه وتعالى ولا شيء عليه، وقال مطرف يبتدئ الكفارة.

وقال القاضي عبد الوهاب في الإشراف: مسألة الظهار يحرم جميع أنواع الاستمتاع من الوطء فما دونه، خلافا للشافعي في أحد قوليه إنه لا يحرم به ما دون الوطء، لقوله سبحانه وتعالى: (من قبل أن يتماسا) ولم يفرق، وحديث ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن رجلا ظاهر من امرأته ثم وطئها قبل أن يكفر فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: " فاعتزل حتى تقضي ما عليك " (١) ولأن كل لفظ حرم به جملتها لم يقف ذلك على الفرج دون غيره كالطلاق، أو لأنه لفظ وقع به تحريم في الزوجة فوجب أن يعم الوطء وغيره كالطلاق، ولأنه نوع من التلذذ بالاستمتاع فوجب أن يحرم بالظهار كالوطء في الفرج، لأن الوطء إنما حرم لتشبيه المرأة المحللة بالمحرمة، وهذا التشبيه لا يخص تحريم الوطء دون غيره من الاستمتاع.


(١) رواه أبو داود والنسائي واللفظ له، وابن ماجة، وهو حديث حسن.

<<  <   >  >>