قوله: حتى يكفر الأبيات، أشار به إلى أن كفارة الظهار ثلاث خصال، وهي على الترتيب كما صرحت به الآية الكريمة، الخصلة الأولى العتق، وتشترط في الرقبة التي تجزئ في ذلك أربعة أمور، لأن اسم الرقبة إنما ينصرف إلى مستجمعها، وأيضا التحريم متحقق بالظهار فلا يرتفع بمشكوك في تحقق الشرط به، الأول كونها خالصة الرق، فلا يجزئ إعتاق من فيه شائبة حرية كالكتابة، والتدبير، وأمومة الولد، والعتق المؤجل، قال القاضي عبد الوهاب في قوله سبحانه وتعالى:(فتحرير رقبة) وذلك يقتضي ألا يتقدم فيها عقد بعتق غير المقصود، وإلا لم يكن تحريرا، وذلك هو المراد بقوله: ليست بها من قبل، إلى قوله: التحرير، الثاني الإيمان تقييدا لإطلاق الرقبة هنا بقيدها في كفارة القتل، لأن كلا كفارة، ولحديث معاوية بن الحكم الشهير، (١) وإلى هذا أشار بقوله: مؤمنة، الثالث السلامة من العيوب التي تشين وتمنع من الكسب، قال في التاج: من المدونة: لا يجزئ في الظهار أو غيره من الكفارات إلا رقبة مؤمنة، سليمة، ولا يجزئ أقطع اليد الواحدة، أو الأصبعين، أو الأصبع، أو الإبهام، أو الأذنين، أو أشل، أو أجذم، أو أبرص، أو أصم، أو مجنون، وإن أفاق أحيانا، ولا أخرس، ولا أعمى، ولا مفلوج، ولا يابس الشق.
وقال القاضي في الإشراف: مسألة لا يجوز فيها المعيبة خلافا لداوود، لقوله سبحانه وتعالى:(ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) وقوله سبحانه وتعالى: (ويجعلون لله ما يكرهون) وقوله سبحانه وتعالى: (فتحريررقبة) وهذا يقتضي رقبة كاملة، والمعيبة ناقصة، ولأن النقص نقصان: نقص في الدين، ونقص في البدن، ثم قد ثبت أن نقص الدين يمنع الإجزاء، كذلك نقص الأعضاء.
(١) رواه مسلم وأبو داود والنسائي والدارمي والإمام أحمد.