لأن الأصل في الذمة البراءة، فلا يلزم إلا ما لاشك فيه، ولم يردها في القول الثالث إلى شيء من هاتين الكفارتين، وراعى أعلى الشبع، ورأى أن يجزئه مد بمد النبي ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ لوجوه، أحدها أن الأصل براءة الذمة فلا يلزم إلا ما لاشك فيه، والثاني إذا كان اثنان مطلق ومقيد من جنس رد المطلق إلى المقيد، ورد الظهار إلى كفارة الأيمان أشبه، لأنها في معنى اليمين، وفدية الأذى ليست بيمين، والثالث أنه لم يختلف قوله في العتق عن الظهار، أنه لا يجزئ إلا مؤمن، لما كان مقيدا في آية القتل، فكذلك الإطعام، ومنها أن ذلك مروي عن النبي ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ أنه أعطى المظاهر عذقا فيه خمسة عشر صاعا، وقال:" أطعم ستين مسكينا " وهذا حديث صحيح، ذكره الترمذي في مسنده.
١١٩٧ - وليتب إن من قبل أن يكفرا ... وطئها حيث يكون ذاكرا
١١٩٨ - وحيث ذا أثناء تكفير وقع ... فسد ما قد كان قبله صنع
١١٩٩ - وجائز إعتاقه للاعور ... وابن الزنى وهكذا ذو الصغر
١٢٠٠ - لو كان في المهد نعم من صلى ... وصام عند العلماء أولى
قوله: وليتب إن من قبل البيت، معناه أنه إذا وطئ المظاهر منها قبل أن يكفر فقد عصا، وخالف ما أمره سبحانه وتعالى به في قوله:(من قبل أن يتماسا) فليتب إلى الله سبحانه وتعالى من ذلك، وقد جاء أن رجلا ظاهر من امرأته ووقع عليها قبل أن يكفر وأخبر بذلك النبي ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ فعاتبه، فقال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، فقال:" فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله تعالى به "(١) وأما من حصل ذلك منه نسيانا فلا إثم عليه.
(١) رواه بهذا اللفظ الترمذي والنسائي، وهو حديث صحيح، وقد تقدم قريبا.