قوله: ويشرع اللعان بين كل الأبيات الثلاثة، معناه أن اللعان يشرع بين كل زوجين في نكاح يلحق فيه الولد، وإن كان فاسدا أو حراما لا يقران عليه، كما صرح به ابن رشد ـ رحمه الله تعالى ـ سواء كانا حرين أو عبدين، أو مختلفين، سواء كانا عدلين أو فاسقين، أو كانت الزوجة كتابية والزوج مسلما، لا إن كانا كافرين، ويكون لأحد أمرين، الأول نفي الحمل، إذا ادعى أنه استبرأها بعد آخر وطء وطئها إياه بحيض واحد على المشهور، وقال ابن الماجشون بثلاث حيض، والثاني دعواه أنه رآها تزني، إذا قال: كالمرود في المكحلة، واختلف إن قذفها فقط، بأن قال: زنت ولم يدع رؤية، فقيل يحد حد القذف ولا يمكن من اللعان، وقيل يلاعن، قال ابن رشد ـ رحمه الله تعالى ـ: الأصح من الأقوال أنه يحد ولا يلاعن، ومن أوجب اللعان فيه جعل العلة في ذلك دفع الحد عن نفسه، مع أنه ظاهر القرآن، قوله سبحانه وتعالى:(والذين يرمون أزواجهم) لم يذكر نفي حمل ولا رؤية زنى، وهذا ليس ببين، لأن الحكم إنما هو لمعاني الألفاظ لا لظواهرها، وإلى هذا أشار بقوله: وجاء في القذف فقط البيت، واختلف كذلك إذا نفى الحمل ولم يدع استبراء، ولا يكون اللعان في حالة يقطع فيها أن الولد ليس منه.
قوله: والبدء بالزوج به ينحتم الأبيات الثلاثة، أشار به إلى صفة اللعان، وذكر أن ابتداء الزوج فيه واجب، وهو المذهب كما عزاه ابن ناجي للقاضي عبد الوهاب، وذلك أن ظاهر الآية أن لعانها لدرء ما وجب عليها للعانه، فلعانه سبب للعانها، فلا يصح قبله، وقيل بدؤه مستحب، فلا تعيد إن ابتدأت، قال ابن ناجي: قال ابن رشد: محل الخلاف بين ابن القاسم وأشهب إذا وقعت يمين المرأة على ألفاظ الرجل، فقالت: أشهد بالله سبحانه وتعالى أني لمن الصادقين ما زنيت، أو حملي هذا منه، فإذا وقعت على طريقة الرد عليه في تكذيبه فلا يجزئ أصلا، لأنه لم يتقدم له يمين.