قوله: ثمة الإحداد الأبيات الأربعة، معناه أن الإحداد الواجب على المتوفى عنها طول عدتها هو اجتناب كل زينة، من اللباس، والطيب، وكل ما تتزين به المرأة لزوجها، ويدعو الزوج إلى نكاحها، ويهيج الشهوة، كما قال القاضي عبد الوهاب، وذلك كالكحل والحلي، قال ابن عرفة - رحمه الله تعالى -: وفيها لا تلبس حليا، ولا قرطا، ولا خاتم حديد، ولا خلخالا، ولا سوارا، ولا تمس طيبا، ولا تدهن بزنبق، أو بنفسج خيري، ولا تمتشط بدهن مربب، ولا حناء، ولا كتم، وتدهن بالشبرق، والزيت، وتمتشط بالسدر وشبهه مما لا يختمر في رأسها.
وتمنع من حضور عمل الطيب والتجر فيه، وتمنع من الخضاب ودخول الحمام وطلي جسدها بنورة، وتمنع من مصبوغ الثياب، وقال القاضي في المعونة: كل لون يتزين به النساء تمنعه الحاد، وقال اللخمي: أرى أن تمنع من الثياب الحسنة، وإن كانت بيضا، لأنها تزيد في الوضاءة، إلى أن قال: وكذلك الرفيع من السواد، وعلى هذا يدل قوله صلى الله تعالى عليه وسلم:" ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب "(١) أنه راعى الجيد من الدنيء، ولا أرى أن يمنع الأخضر والأزرق الرديء، ويباح النفيس من الحرير، وإذا لم تجد إلا ثوبا مصبوغا فقدرت على بيعه، أو تغيير صبغه بسواد فعلت، وإن لم تجد لبست، وقد يستخف بقاؤه على حاله إذا كان في تغييره فساد.
قال: والأصل فيه قول النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم -: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله سبحانه وتعالى واليوم الآخر أن تُحِد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب، ولا تكتحل، ولا تمس طيبا إلا إذا طهرت نبذة من قسط وأظفار، أخرجه البخاري ومسلم.