قوله: واجبر كتابية أن تعتدا البيت، معناه أن الكتابية تجبر على العدة في الطلاق والموت إذا كان زوجها مسلما، وتعتد في الطلاق بثلاثة قروء، واختلف هل تعتد في الوفات بأربعة أشهر وعشر وهو المشهور، أو لا تطلب بما زاد على الاستبراء، قال في الإشراف: إذا مات المسلم عن الكتابية ففي عدتها روايتان، إحداهما الشهور كعدة المسلمة، والأخرى استبراء رحمها، فوجه الأولى عموم الظاهر، ولأنه نوع من البينونة كالطلاق، ولأنها زوجة للمسلم مات عنها كالمسلمة، ولأن كل عدة لزمت المسلمة لزمت الكتابية كوضع الحمل، ووجه الثانية أن تربصها يتعلق به حقان، حق النسب، وهو العلم ببراءة الرحم، وحق الله سبحانه وتعالى وهو ما زاد على ذلك إلى آخر الشهور، والكفار لا يؤاخذون بحقوق الله سبحانه وتعالى المتجردة عن حقوق الآدميين.
واختلف إذا لم يدخل بها في الموت هل تجب عليها عدة كالمسلمة، أو لا يجب عليها شيء، وهو راجع في مبناه إلى ما قبله، وقوله في البيت: رد معناه طلق.
قوله: ومن وفات سيد أم الولد البيتين، معناه أن عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها حيضة، قال في التبصرة: قال ابن القاسم: وإن مات عنها أو أعتقها وهي في أول دمها لم يجزها واستأنفت حيضة، وذلك لاختلاف أهل العلم فيها، فقال بعضهم عليها أربعة أشهر وعشر، وقال بعضهم ثلاث حيض، فأما الأشهر فلأنها حرة تعتد من وطء ميت فقاسها على الزوجة، وأما الثلاثة الأقراء فلأنها حرة تعتد من وطء ميت بغير زوجية، وقول مالك - رحمه الله تعالى - أصوب، لأن المراعى أصل الوطء، ليس ما آل إليه، فإذا كان بملك يمين كان استبراء.