معناه أن الذي يجب على المرء أن ينفق عليه هو نساؤه، ووالداه دنية، وأولاده الصغار دنية أيضا، وأرقاؤه، سواء كان الكل مسلمين أو كفارا، أما زوجاته فتجب لهن النفقة مطلقا أعدمن أو أيسرن، حرائر كن أو إماء، لأن النفقة عليهن وجبت للزوجية والمتعة، وأما الأبوان والأولاد فلا تجب نفقتهم إلا إذا لم يكن لهم مال، وكان عنده ما يزيد على نفقته ونفقة زوجته، لأنها مواساة، وفي معنى المال أن تكون لهم صنعة تقوم بهم لا تلحقهم بها معرة، فتسقط نفقتهم بها إلا أن تكسد أو يعوقهم عنها مرض فتجب لهم النفقة على الأب في مسألة الأولاد، وعلى الابن في مسألة الأبوين، وإذا كانت الصنعة تقوم بالبعض فقط كان الواجب الإتمام، ولا فرق في وجوب نفقة الأبوين بين الذكر والانثى، والصغير والكبير، واليتيم وذي الأب، والمتزوجة والأيم، ويجب على الابن أن ينفق على زوجة أبيه على المشهور، وإن كانت له زوجتان فإن كانت إحداهما أمه أنفق على أمه فقط، ولا يلزمه أن ينفق على الأخرى، إلا إذا كانت شابة وكانت أمه مسنة وكانت في الأب بقية، قال في التبصرة: وليس له إذا كان له مال أن يتلفه بصدقة أو هبة وتعود نفقته على ولده، وللولد أن يرد فعله ذلك، وكذا لو تصدق به على بعض ولده كان للآخر أن يرد فعله.
ولا تسقط نفقة الأم بتزوجها من عاجز عن نفقتها، فإن قدر على البعض فعلى الابن أن يتمها لها، وأما الأولاد فالذكر تسقط نفقته ببلوغه صحيحا قادرا على الكسب، وأما الأنثى فلا تسقط عن أبيها إلا بوجوبها على زوج، والأصل في وجوب نفقة الزوجات والأولاد حديث هند، وفي الزوجات أيضا قوله صلى الله تعالى عليه وسلم:" ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف "(١).
وفي نفقة الأبوين الأمر بمصاحبتهما معروفا، والإحسان إليهما، والشكر لهما في الآية الكريمة.
(١) رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة والدارمي والإمام أحمد.