للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المساقاة: مفاعلة من السقي، لأن سقي الشجر هو أهم عمل المساقاة وأعظمه، وعرفها ابن عرفة - رحمه الله تعالى - بقوله: عقد على عمل مؤنة النبات بقدر لا من غير غلته، لا بلفظ بيع، أو إجارة، أو جعل، قال: فيدخل قولها: لا بأس بالمساقاة على أن كل الثمرة للعامل، ومساقاة البعل.

وهي رخصة مستثناة من بيع الغرر وبيع الثمر قبل بدو صلاحه، والإجارة بمجهول، وذلك للضرورة إليها على نحو ما سبق في القراض، وأصلها ما في الصحيح من أن الأنصار قاسموا المهاجرين ثمار أموالهم في كل عام على أن يكفوهم المؤنة والعمل، (١) وما فيه أيضا من أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعملوها من أموالهم ولرسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - شطر ثمرها، (٢) وكان يبعث عبد الله بن رواحة - رضي الله تعالى عنه - فيخرص بينه وبين يهود خيبر، وروى مالك - رحمه الله تعالى - أنهم جمعوا له حَليا من حَلْي نسائهم وقالوا له: هذا لك، وخفف عنا وتجاوز في القسم، فقال عبد الله بن رواحة - رضي الله تعالى عنه -: يا معشر اليهود والله إنكم لمن أبغض خلق الله - سبحانه وتعالى - إلي، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم، فأما ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت، وإنا لا نأكلها، فقالوا: بهذا قامت السماوات والارض.

وأقرهم من بعده - صلى الله تعالى عليه وسلم - أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - على ذلك، ثم عمر - رضي الله تعالى عنه - من بعده، إلى أن بعث إليهم ابنه عبد الله ليخرص عليهم فسحروه فتوكعت يده، فأجلاهم عمر - رضي الله تعالى عنهما - إلى الشام، والمساقاة من العقود التي تلزم باللفظ، ولا تنعقد عند ابن القاسم إلا بلفظ المساقاة خاصة، فلو قال: عاملتك لم تصح خلافا لسحنون.


(١) متفق عليه.
(٢) متفق عليه.

<<  <   >  >>