والمساقاة جائزة في كل أصل بلغ أن يثمر، كان فيه ثمر وقتها أو لا، ما لم يحل بيعه، إذا كان ثابتا كالنخيل، والأعناب، والزيتون، والرمان، والفِرْسِك، والياسمين، والورد، وإلى هذا أشار بقوله: ثم المساقاة على الأصول البيت، ولا تجوز في غير ثابت الأصل كالمقاثي والباذنجان والزرع إلا إذا عجز صاحبه عنه وظهر وخيف عليه.
قوله: بالجزء من ثمرها، أي: مثلا، وإلا فهي جائزة بكله كما سبق.
قوله: والعمل جميعه به يقوم العامل، معناه أن عمل الحائط الذي يتعلق بإصلاح الثمرة على العامل، ولا يشترط تفصيل ذلك عند العقد، كالسقي والإبار والجذاذ، وإليه أشار بقوله
: نعم على العامل كنس العين الأبيات الثلاثة، ويجوز أن يشترط عليه رب الحائط زائدا على ذلك مما لا بال له كسد الحظيرة، وإصلاح الضفيرة، وإلى هذا أشار بقوله: إلا يسيرا ما له من خطر البيتين.
ولا يجوز أن يشترط عليه أمرا له بال، أو عملا خارجا عن الحائط، قال مالك - رحمه الله تعالى - في الموطإ: والسنة في المساقات التي يجوز لرب الحائط أن يشترطها على المساقى شد الحظار، وخم العين، وسَرْو الشرَب، وإبار النخل، وقطع الجريد، وجذ الثمر، هذا وأشباهه على أن للمساقى شطر الثمرة، أو أقل من ذلك أو أكثر، إذا تراضيا عليه، غير أن صاحب الأصل لا يشترط ابتداء عمل جديد يحدثه العامل فيها من بئر يحتفرها، أو عين يرفع رأسها، أو غراس يغرسه فيها يأتي بأصل ذلك من عنده، أو ضفيرة يبنيها تعظم فيها نفقته، وإنما ذلك بمنزلة أن يقول رب الحائط لرجل من الناس: ابن لي هاهنا بيتا، أو احفِر لي بئرا، أو أجر لي عينا، أو اعمل لي عملا بنصف ثمر حائطي هذا قبل أن يطيب ثمر الحائط ويحل بيعه، فهذا بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، وقد نهى رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها.