قوله: ولا تتم هبة البيت، معناه أن الهبة وإن كانت تلزم بالقول على المشهور لا تتم إلا بحيازتها قبل موت الواهب، أو مرضه المتصل بموته، أو فلسه، ولو بدين حادث بعد الهبة، ولا يشترط في حوزها إذن الواهب، وإن منعه الواهب منه جبره القاضي، إلا أن يكون ذلك في يمين، فإن كانت في يمين لم يقض بها، لأنه لم يقصد البر بل اللجاج، والأصل في اشتراط الحوز قبل المانع ما رواه مالك - رحمه الله تعالى - في موطئه عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أن أبا بكر - رضي الله تعالى عنهم أجمعين - كان نحلها جادَّ عشرين وَسقا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفات قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك، ولا أعز علي فقرا بعدي منك، وإني كنت نحلتك جادَّ عشرين وسقا فلو كنت جدَدْتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله سبحانه وتعالى، قالت عائشة - رضي الله تعالى عنه -: يا أبت والله لو كان كذا وكذا لتركته، إنما هي أسماء فمن الأخرى؟ فقال أبو بكر - رضي الله تعالى عنه -: ذو بطن بنت خارجة أُراها أنثى.
وروى عن عمر - رضي الله تعالى عنه ـ مثل ذلك.
قوله: وهكذا الحبس البيت، معناه أن الصدقة والحبس كالهبة في توقف تمامهما على حوز المتصدق عليه والمحبس عليه، وهذا هو المشهور، وقيل لا يتوقفان على الحوز.
قوله: فإن يمت فاعلها البيتين، معناه أن هذه المذكورات إذا لم تحز حتى مات الواهب، أو المتصدق، أو المحبس، أو مرض مرضا اتصل بموته، أو فُلس، بطلت، وهذا حيث وهب أو تصدق أو حبس وهو صحيح، فإن حصل منه ذلك في المرض فله حكم الوصية، ولو خاصم الموهوب له مثلا الواهب في الهبة والواهب صحيح ولم تعدل بينة الموهوب له حتى مرض الواهب أو مات فذلك في معنى الحوز في الصحة كما في المدونة.
١٥٦٢ - أما إذا هلك من وُهِب له ... فنزلنَّ وارثيه منزله