للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: وواهب يظن البيت، معناه أن من وهب هبة يظن أنه أراد أن يثاب عليها كان له فيها الثواب على الموهوب له إن فاتت، ولا يلزمه قبول ما ليس فيه وفاء بقيمتها، واختلف هل يلزمه قبول قيمتها أو لا يلزمه إلا ما زاد عليها، المشهور الأول، والثاني لمطرف، ولايتعين النقد في الثواب إذا أراده الواهب على المشهور، بل يثاب بكل متمول، إلا ما لا يثاب به عادة، كالحطب فلا يلزمه قبوله على المشهور، وأما الهبة التي اقتضت العادة عدم إرادة الثواب فيها فلا يصدق واهبها أنه أراد بها الثواب، كالهبة للفقيه، والشريف، والصالح، والزوجة، ونحوهم، وكهبة العين، حيث لم يشترط الثواب عليها، قال في الجواهر: وهي على ما اتفقا عليه من اقتضاء الثواب أو عدمه، فإن اختلفا في مقتضاها نظر إلى شواهد الحال، فإن كانت بين غني وفقير فالقول قول الفقير مع يمينه لشهادة العرف له، وكذلك الحكم حيث شهد لأحدهما، فإن استوت نسبتهما إليه فالقول قول الواهب مع يمينه.

ولا يلزم الموهوب له أن يثيب إذا كانت الهبة قائمة لا تغير فيها، بل إن شاء أثاب عليها، وإن شاء ردها، وذلك هو قوله: بل أثبنه قيمة البيت، وإنما يلزمه الثواب إذا تغيرت بزيادة أو نقص، ولا عبرة بحوالة السوق، وإلى هذا أشار بقوله: وبفوات بسوى حواله البيت، قال مالك - رحمه الله تعالى - في الموطإ: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الهبة إذا تغيرت عند الموهوب له للثواب بزيادة أو نقصان، فإن على الموهوب له أن يعطي صاحبها قيمتها يوم قبضها، وروى عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يُرض منها.

<<  <   >  >>