وهبة الثواب تقع على ثلاثة أوجه، الأول أن يهب على رجاء الثواب من غير شرط ولا تسمية، والثاني أن يهب على ثواب يعينه، نحو أهبك شاتي هذه على أن تهبني ثوبك، والثالث أن يهب على اشتراط الثواب من غير تسمية، كأن يقول أهبك هذا الثوب على أن تثيبني، وقد اختلف في النوع الأخير، فأجازه ابن القاسم - رحمه الله تعالى - كنكاح التفويض، ومنعه ابن الماجشون للجهل بالثمن، فهو في معنى بيع السلعة بقيمتها، وبه أخذ سحنون، وأما الثاني فهو بيع صريح فيجري على تفاصيل البيع.
قوله: وكرهوا وهبك البيت، معناه أنه يكره وقيل يمنع أن يهب ماله كله أو أكثره لبعضولده، لأمره صلى الله تعالى عليه وسلم بالعدل بين الأولاد، (١) ولأن ذلك يسبب العقوق والتحاسد، والمشهور مضيه كالهبة لأجنبي، قال سيدي زروق - رحمه الله تعالى -: قال أصبغ: إذا حيز عنه جاز، اجتمع أمر القضاة والفقهاء على ذلك.
واحتج لهبقوله صلى الله تعالى عليه وسلم:" أشهد على هذا غيري " والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأما هبته بعض ماله لبعض ولده فجائزة لعمل الصحابة - رضي الله تعالى عنهم أجمعين - كما تقدم عن أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - أنه وهب لعائشة - رضي الله تعالى عنها - جاد عشرين وسقا، وإلى هذا أشار بقوله: بعكس إعطائك بعضا منه البيت وقد استبعد القرطبي اختصاص النهي في حديث النعمان السابق بهبة البعض، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(١) حديث " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم "متفق عليه.