للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمعنى أن من حبس ربعا مثلا أو غيره على شيء مما يجوز أن يحبس عليه، كان حبسا على ما حبسه عليه خاصة، لا يصرف في غيره، كالصدقة المبتلة، وإن تعذر الصرف في الوجه الموقوف عليه من المرافق العامة، كما لو وقف على مسجد بعينه، أو قنطرة بعينها، فارتحل الناس عن ذلك البلد مثلا، أو عرض ما يمنع من بقائه، صرف في مثله من مسجد آخر، أو قنطرة أخرى، إذا لم يرج عود الموقوف عليه، وإلا وقف له، ويجوز أن يستعان ببعض المرافق العامة في بعض، إذا احتيج إلى ذلك، قال ابن عرفة - رحمه الله تعالى -: ابن سهل: قال ابن الماجشون في مقبرة ضاقت عن الدفن بجانبها مسجد ضاق بأهله: لا بأس أن يوسع المسجد ببعضها، لأن المقبرة والمسجد حبس للمسلمين.

وإذا لم يعين الواقف مصرفا سئل عنه، فإن تعذر سؤاله صرف في غالب ما يوقف عليه في بلاده، فإن لم يغلب شيء كان حبسا على الفقراء.

قوله: وحيث ينقرض إلخ، معناه أن الجهة المحبس عليها إذا انقطعت رجع الحبس حبسا لأقرب فقراء عصبة المحبس، قال في المدونة: إن قال حبس عليك وعلى عقبك، قال مع ذلك: صدقة، أو لا، فإنما ترجع بعد انقراضهم لأولى الناس بالمحبس يوم المرجع من ولد أي عصبة ذكورهم وإناثهم سواء يدخلون في ذلك حبسا، فلو لم تكن إلا ابنة واحدة كانت لها

حبسا، لا ترجع إلى المحبس وإن كان حيا، هي لذوي الحاجة من أهل المرجع دون الأغنياء، فإن كانوا كلهم أغنياء فهي لأقرب الناس بهم انتهى.

وقيل يرجع إلى عصبته وإن كانوا أغنياء، قيل وهو ظاهر قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " أرى أن تجعلها في الأقربين " (١).

قلت: هو ظاهر لفظ الأقربين، والأول هو ظاهر معناه، لأن شأن الصدقة أن يقصد بها الفقراء، وذلك هو وجه اختصاص الفقراء من العصبة عن أغنيائهم، والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) متفق عليه.

<<  <   >  >>