فيفرق فيها بين ما يغاب عليه وما لا يغاب عليه، فيسقط الضمان في الثاني حيث لم يتعد، عملا بقياس العكس في إيجاب الضمان بالاستيلاء على الشيء تعديا، فإن تعدى المستعير بأن خرج عن المشروط أو المقصود أو المعهود ضمن، وكذلك إن ظهر كذبه، وإلى هذا أشار بالبيت الثاني.
ويتوجه إليه الضمان في الأول، لإمكان إخفائه، إلا أن تقوم بينة على تلفه، أو يعلم أنه بغير سببه كالسوس في الثوب، وقرض الفأر، ويحلف أنه لم يفرط، وذهب أشهب وابن عبد الحكم إلى ضمانه ما يغاب عليه، وإن شهدت البينة بتلفه، وتمسكا في ذلك بظاهر حديث صفوان بن أمية في عارية السلاح " بل عارية مضمونة "(١).
١٦٠٣ - وصدقنَّ مودَعا إن يَدَّع ... ردَّ الوديعة إلى المستودع
١٦٠٤ - ما لم يكن قبض بالإشهاد ... فلا يصدق في الاسترداد
١٦٠٥ - وصدقنْه مطلقا في التلف ... وكلفنْ متهما بالحلف
١٦٠٦ - وضمننَّه إذا تعدى ... واختلفوا إن بعد ذاك ردا
١٦٠٧ - إن تك مثليا وحيث في السلف ... أُذِن لم يبرأ بغير مختلف
الوديعة عرفها ابن شاس - رحمه الله تعالى - مصدرا بقوله: استنابة على حفظ المال، قال: وهي عقد أمانة، وهو جائز من الجهتين، قال: ولا يشترط في المودع والمودع إلا ما يشترط في الوكيل والموكل، ومن أودع عند صبي شيئا بإذن أهله أو بغير إذنهم فأتلف الصبي أو ضيعه لم يضمن لأنه مسلط عليه، كما لو أقرضه أو باعه، وكذلك السفيه.