للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: وأوجبوا تعريف البيتين، معناه أن الملتقط يجب عليه تعريف اللقطة عقب الالتقاط سنة، ولا يجوز له التأخير، لأن ذلك داع ليأس ربها، وانقطاعه عن البحث، يعرفها بنفسه أو ثقة، حيث وجدها، وبالأماكن المطروقة كالسوق، ومواضع اجتماع الناس كالمسجد، ويعرفها ببابه، قال في التاج: روى ابن نافع عن مالك - رحمهم الله سبحانه وتعالى جميعا -: ينبغي للذي يعرف اللقطة أن لا يريها أحدا، ولا يسميها بعينها، لكن يعمي بذلك، لياتي متخيل فيصفها بذلك بصفة العرف، فيأخذها وليست له، ويعرفها في اليومين والثلاثة، ولا يجب عليه أن يدع صنعته ويعرفها.

ويستثنى من طلب التعريف الذي لا يعود صاحبه إليه فهو لواجده من غير تعريف، قال

ابن رشد - رحمه الله تعالى -: أصله ما روي أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - مر بتمرة في الطريق، فقال: " لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها " (١) ولم يذكر فيها تعريفا، ولا خلاف في وجوب تعريف الكثير، لما في الصحيح من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرِّفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها " (٢) واختلف في ما بين الكثير والتافه، قال في المقدمات: ما قل وله قدر ومنفعة ويشح به ربه ويطلبه يعرف اتفاقا، وفي تعريفه سنة، أو أياما قولان.

وقال ابن عرفة - رحمه الله تعالى -: سمع القرينان: واجد العصا والسوط أيعرف ذلك؟

قال: لا يأخذه، قيل: قد أخذه، قال: يعرفه، فإن لم يعرف فأرجو خفته.

ابن رشد - رحمه الله تعالى -: معناه انتفاعه به على وجه التملك له ما لم يجد ربه خفيف، وإن أبى الانتفاع عليه، وهذا في اليسير الذي لا قيمة له، وتعريفه غير واجب، فقوله: يعرفه، يريد على وجه الاستحباب.


(١) متفق عليه.
(٢) متفق عليه.

<<  <   >  >>