قوله: ووجبت بقول الأبيات الثلاثة، معناه أن اللوث الذي تجب به القسامة أمران أحدهما قول المقتول: دمي عند فلان، إن كان به أثر جرح أو ضرب، وكان مسلما حرا مكلفا، ولو كان مسخوطا أو امرأة، فلا قسامة في كافر ولا عبد، ولا عبرة بكلام الصبي، ووجه اعتبار قول القتيل عند مالك وأصحابه - رحمهم الله تعالى جميعا - ما جاء في القرآن الكريم في بقرة بني إسرائيل، قال ابن ناجي: قال ابن العربي في أحكام القرآن الكريم: فإن قيل: كان ذلك آية ومعجزة لموسى ـ على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ قلنا الآية والمعجزة إنما كانا في إحياء الميت، فلما صار حيا كان كلامه كسائر كلام الآدميين كلهم في القبول والرد.
ونقل في الموطإ اجتماع الأئمة على ذلك في القديم والحديث، وهذا كاف، واحتج له القاضي في الإشراف بما في الصحيح من أن القسامة كانت في الجاهلية، وأقرها النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال: والعرب كانت تقسم مع قول المقتول.
وقاله ابن رشد - رحمه الله تعالى -.
قال: وأيضا فإنه ليس المبتغى في إيجاب القسامة القطع والبت، وإنما المبتغى شبهة تنضاف إلى دعوى الولاة تقويها، وتلطخ المدعى عليه.
وأما الاستدلال بقصة البقرة فلا يخلو من دقة، فقد كان الثبوت فيها بمجرد قول القتيل، دون قسامة ولا غيرها، فاقتضى ذلك أن الثبوت كان من جهة كون ذلك خارقا للعادة، والله سبحانه وتعالى أعلم.