قوله: وبالشهود المدعي البيت، معناه أن المدعي مطالب بإقامة البينة على ما يدعيه إذا أنكر المدعى عليه، فإن لم تكن له بينة، كانت على المدعى عليه اليمين، وفي الصحيح " لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكنَّ اليمينَ على المدعى عليه "(١) والمدعِي هو من تجردت دعواه عن مرجح غير البينة من أصل أو عرف، والمدعى عليه من ترجح قوله بالأصل، أو شهادة العرف، قال في التبصرة: ومن المجموعة: وإذا جلس الخصمان بين يدي الحاكم، فلا بأس أن يقول لهما: ما لكما؟ أو ما خصومتكما؟ أو يتركهما حتى يبتدئانه، فإذا تكلم المدعي، أسكت المدعى عليه، واستمع من المدعي، ثم يأمره بالسكوت، ويستنطق الآخر، ولا يفرد أحدهما بالسؤال، فيقول له: ما لك؟ أو تكلم، إلا أن يكون علم أنه المدعي، ولا بأس إذا لم يعلم أن يقول: أيكما المدعي؟ فإن قال أحدهما: أنا، وسكت الآخر ولم ينكر، فلا بأس أن يسأله، وأحب إلي ألا يسأله حتى يقر له الآخر بدعواه، وإن قال أحدهما: هذا المدعي، فلا بأس أن يسأله، فإن قال له: تكلم، فقال: لست بمدع، فأقام على ذلك كل واحد منهما يقول لصاحبه: هذا المدعي، فللقاضي أن يقيمهما عنه حتى يأتي أحدهما إلى الخصومة، قال الشيخ: فإن اختلفا فقال كل واحد منهما: أنا الطالب، وقال الآخر: إنما أحدث الآخر الدعوى عند ما طلبته، فإن علم أن أحدهما أشخص الآخر، وأنه كان يطالبه بدأ به، وإلا صرفهما، فإن أبى أحدهما الخصومة بدأ به، وإن بقي كل واحد منهما متعلقا بالآخر، أقرع بينهما، وإن كان لكل واحد منهما طلب على الآخر، وتشاحا في من يبتدأ به، أقرع بينهما، وقيل: الحاكم بالخيار، واستحب محمد بن عبد الحكم أن يبتدئ بالنظر لأضعفهما.