قوله: إن تثبت الخلطة البيت، معناه أن محل توجه اليمين على المدعى عليه، إذا ثبتت الخلطة والتهمة بينه وبين المدعي، وذلك لما رواه مالك - رحمه الله تعالى - عن جميل بن عبد الرحمن المؤذن أنه كان يحضر عمر بن عبد العزيز وهو يقضي بين الناس، فإذا جاءه الرجل يدعي على الرجل حقا، نظر، فإن كانت بينهما مخالطة أو ملابسة أحلف الذي ادعي عليه، وإن لم يكن شيء من ذلك لم يحلفه، قال مالك - رحمه الله تعالى -: وعلى ذلك الأمر عندنا، وقد روي نحو ذلك عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال القاضي في الإشراف: ولا يحلف الحاكم المدعى عليه للمدعي إلا لمعنى يزيد على مجرد الدعوى من معاملة تكون بينهما أو مخالطة، ومن أصحابنا من يقول أو يكون المعنى يشبه في العادة أن يدعى مثلها عليه، إلا أن يكونا غريبين، فلا يراعى ذلك فيهما، إلى أن قال: فلو أحلفنا كل مدعى عليه بنفس الدعوى، لتطرق بذلك لكل من يريد إيذاء غيره، وإغرامه شيئا، أن يدعي عليه شيئا، فإذا أنكره أحلفه لتهمته بذلك، أو تدعوه الضرورة إلى أن يصانعه على شيء يفتدي به يمينه، فوجب حسم الباب بأن له الضرر بالمنع منه، إلا أن يكون مع الدعوى شيء يقويها لضعف التهمة.
قال في التاج: أصبغ: سبعة تجب عليهم اليمين دون خلطة الصانع، والمتهم بالسرقة، والرجل يقول عند موته: لي عند فلان دين، والرجل يمرض في الرفقة فيدعي أنه دفع ماله لرجل، وإن كان المدعى عليه عدلا، وكذلك من ادعى عليه رجل غريب نزل في مدينة أنه استودعه مالا، ابن عرفة: نقل ابن رشد هذه الخمسة غير معزوة كأنها المذهب، الباجي: ومثل الصانع تجار السوق، لأنهم نصبوا أنفسهم للناس، وقال ابن نافع بعدم اشتراط ثبوت الخلطة، قال ابن ناجي: حكاه ابن زرقون ولم يحفظه أكثر شيوخ المذهب كابن حارث وابن رشد قائلا: مذهب مالك وكافة أصحابه الحكم بالخلطة، وبقول ابن نافع قال الأندلسيون واستمر عليه العمل بإفريقية.