للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: وطالب ألفى شهودا الأبيات الثلاثة، معناه أن المدعي إذا لم يقم بينة، واستحلف المدعى عليه، وحلف، ثم جاء ببينة تشهد له، لم تقبل منه، إن لم يكن له عذر في عدم القيام بها، من نسيان، أو عدم علم بها أصلا حين استحلافه للمطلوب، وذلك لإعراضه عنها، وفي الحديث " شاهداك أو يمينه " (١) وروى ابن نافع أنها تقبل منه، وبه أخذ ابن وهب وأشهب، ولا يستحلف القاضي المطلوب إلا بإذن من الطالب، وقد ذكر عن بعض القضاة أن رجلا ادعى على آخر ثلاثين دينارا، فأنكر المدعى عليه، فاستحلفه القاضي، فقال الطالب: لم آذن في هذه اليمين، ولم أرض بها، ولا بد أن تعاد اليمين، فأمر القاضي غلامه أن يدفع عن المطلوب من ماله ثلاثين دينارا، كراهة أن يكلفه إعادة اليمين التي قضى عليه بها.

قوله: وشاهد مع قسم الأبيات، معناه أن من أقام شاهدا في حق مالي وحلف معه قضي له بذلك، وقد روى مالك - رحمه الله تعالى - في الموطإ أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قضى باليمين مع الشاهد، (٢) قال مالك - رحمه الله تعالى -: مضت السنة في القضاء باليمين مع الشاهد الواحد، يحلف صاحب الحق مع شاهده ويستحق حقه، فإن نكل وأبى أن يحلف، أحلف المطلوب، فإن حلف سقط عنه ذلك الحق، فإن أبى أن يحلف، ثبت عليه الحق لصاحبه، قال: وإنما يكون ذلك في الأموال خاصة، ولا يقع ذلك في شيء من الحدود، ولا في نكاح، ولا في طلاق، ولا في عتاقة، ولا في سرقة، ولا في فرية.

والمراد بدعوى النكاح دعواه فيحياة المدعى عليه، ولو كان ذلك بعد موته وأقام المدعي شاهدا، فقال ابن القاسم: يحلف مع شاهده، ويستحق الميراث، والصداق، إن كان المدعي امرأة، لأن الدعوى آئلة إلى المال، وقال أشهب: لا يستحق ذلك إلا بشاهدين.


(١) متفق عليه، واللفظ للبخاري.
(٢) ورواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة والإمام أحمد.

<<  <   >  >>