قوله: ولم يجز تعديل مرأة البيت، معناه أن شهادة المرأة لا تقبل في التعديل ولا في التجريح، لا لرجل ولا لامرأة، لما تقدم من قصر شهادتهن على الأموال وما في معناها، والتزكية هي مبنى الشهادات، فكما لا يقبلن في الشهادات لا يقبلن في مبناها، وكذلك القول في الجرح فهو إبطال لحق أيضا، ولهذا المعنى لم تقبل تزكية من شهد مع الشاهد، أو نقل معه، لأن ذلك يؤول إلى ثبوت الحق بواحد، ولا فرق في ما ذكر بين الشاهد في المال وغيره، لأن العدالة صفة توجب نفوذ الشهادة في الحقوق كلها، وكذلك الجرح كما هو بين، والذي عليه أكثر أصحاب مالك أنه لا بد في المزكي من أن يكون مبرزا، قال سحنون - رحمه الله تعالى - لا يجوز في التزكية في العلانية إلا المبرز الناقد الفطن الذي لا يخدع في عقله، ولا يستنزل في رأيه، وقال مالك - رحمه الله تعالى -: لا يقبل في التزكية أقل من رجلين، وإن ارتضى القاضي رجلا للكشف جاز أن يقبل منه ما نقل إليه من التزكية عن رجلين، لا أقل من ذلك، نقله في التاج.
قوله: وصيغة التعديل البيت، معناه أن صيغة التعديل أن يقول: هو عدل رضى، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:(وأشهدوا ذوي عدل منكم) وقوله سبحانه وتعالى: (ممن ترضون من الشهداء) ولا يكفي أحد اللفظين على ظاهر قول مالك، وقال اللخمي: إن قال هو عدل رضى، صحت العدالة، واختلف إن اقتصر على إحدى الكلمتين، هل هو تعديل أم لا، فإن قال إحدى الكلمتين ولم يسأل عن الأخرى فهو تعديل، لورود القرآن الكريم بقبول شهادة من وصف بإحداهما، وإن سئل عن الأخرى فوقف فهو ريبة في تعديله، فيسأل عن سبب وقفه، فقد يذكر ما لا يقدح في العدالة، أو يذكر ما يريب فيوقف عنه، نقله عنه ابن عرفة - رحمهما الله سبحانه وتعالى - قال: وفي الموازية: قوله: اختبرته وعاملته فما علمت إلا خيرا، أو أنه فاضل صالح ثقة، ليس تعديلا، حتى يقول عدل، أو أراه عدلا.