وظاهر هذا كظاهر الشيخ عدم قبول شهادتهم في القتل، وقيل تقبل في القتل أيضا، وهو قول مالك - رحمه الله تعالى - في المدونة، قال في التبصرة: فأما شهادة الصبيان في ما يقع بينهم من الجراح والقتل، فاختلف فيها على ثلاثة أقوال، فقال مالك تجوز في الجراح والقتل، وقيل تجوز في الجراح خاصة، وقال محمد بن عبد الحكم لا تجوز في جراح ولا قتل، لأن الله سبحانه و تعالى إنما أجاز شهادة العدل الرضى، والأول أحسن، لأن القتل والجرح موجود، والشأن صدقهم عند أول قولهم، والضرورة تدعو إلى معرفة ذلك منهم، وقال القاضي أبو محمد عبد الوهاب: تقبل شهادتهم بتسعة شروط، أحدها أن يكونوا ممن يعقل الشهادة، أحرارا، ذكورا، محكوما لهم بالإسلام، والمشهود به جرح أو قتل، ويكون ذلك في ما بينهم، لا لكبير على صغير، ولا لصغير على كبير، ويكونا اثنين فصاعدا، وتكون الشهادة لهم قبل تفرقهم وتخبيبهم، وتكون متفقة غير مختلفة، وقد اختلف في هذه الجملة في سبعة مواضع، أحدها هل تجوز شهادتهم في ما بينهم في المعارك، أو شهادة من لم يحضر معهم في ذلك، والثاني شهادة الإناث مع الذكور، والثالث شهادتهم لكبير أو عليه، والرابع القسامة إذا لم يمت بالحضرة، وهل يقسم مع شهادة واحد، والخامس إذا اختلفت الشهادة ولم يخرجوا بالقتيل عن جملتهم، والسادس هل يراعى ما كان بينهم من عداوة أو قرابة.