للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: وهذه البئر لا تباع ولا تورث على وجه الملك، إلا أن الورثة يتنزلون منزلة مورثهم في التبدئة بالشرب، وإن أوصى بثلث ماله لرجل فلا يبدؤون بالشرب، ولا ينزلون منزلة الموصي في ذلك، هذه رواية أصبغ عن ابن القاسم في العتبية، فإن تشاح أهل البئر في التبدئة، فقد قال ابن الماجشون: إن كانت لهم سنة من تقديم ذي المال الكثير، أو قوم على قوم، وكبير على صغير، حملوا عليها، وإلا استهموا، وهذا عندي إذا استوى بعدهم من حافرها، وأما إن كان بعضهم أقرب إليه فهو أحق بالتبدئة، قلت ماشيته أو كثرت، ولا حظ فيها لزوجة ولا زوج بالزوجية، وهما كالأجنبي إذا لم يكونا من ذلك البطن، والبئر والمأجل والجب في ذلك سواء عند مالك - رحمه الله تعالى - خلاف قول المغيرة في أن له أن يمنع فضلة ماء جب الماشية، ووجه قوله أن الجب يتكلف فيه نفقة كثيرة، وليس بمعين كالبئر التي إذا نزف منها شيء عاد فيه مثله، فلا يحمل أمره على أنه أراد به الصدقة، إلا ببيان، وهو في بئر الماشية يحفرها في المهامه محمول على أنه إنما أراد به الصدقة، فإن ادعى أنه لم يرد الصدقة وأنه أراد أن يبيع ماءها لم يصدق، ومنع من ذلك بالحكم، ولو أشهد عند حفره إياها أنه إنما يحفرها لنفسه، لوجب أن لا يمنع من بيع مائها، وأن يستحقها ملكا بالإحياء، على حكم إحياء الموات.

قوله: ومن بأرضه الأبيات الثلاثة، أشار به إلى أن البئر التي يحفرها الرجل في الأرض المملوكة، أو العين التي يفجرها فيها، أو المتفجرة بنفسها فيها، أو الغدير له منع مائها، وبيعه، كماء في آنية عنده، نعم إذا كان لجاره زرع زرعه على أصل ماء فغارت عينه وأخذ في إصلاحها وخيف على زرعه، جبر على إعطائه فضل مائه، واختلف هل يلزمه الثمن له إن وجد عنده أو لا، وإن كان لا يجده لم يلزمه قولا واحدا كما قال ابن رشد كما قال سيدي زروق - رحمهما الله سبحانه وتعالى -.

<<  <   >  >>