للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: وما بليل تفسد البهائم البيتين، معناه أن ما أفسدت البهائم ليلا من الحوائط والزروع على ربها، وإن زاد على قيمتها، وليس له أن يسلمها كما في العبد، لأن الجاني هنا هو رب الماشية، لما تقدم من أن فعلها جبار، وما أفسدته نهارا فهو هدر، وقد روى مالك - رحمه الله سبحانه وتعالى - في الموطإ أن ناقة للبراء بن عازب - رضي الله تعالى عنه - دخلت حائط رجل فأفسدت فيه، فقضى رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - أن على أهل الحوائط حفظَها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي باليل ضامن على أهلها (١).

قال في التاج: قال مالك - رحمه الله سبحانه وتعالى -: سواء كان محظرا عليه، أو غير محظر، ابن القاسم: وجميع الأشياء في ذلك سواء، الباجي: وهذا في موضع تتداخل فيه المزارع والمراعي، وقال: من المواضع ضرب تنفرد فيه المزارع والحوائط، ليس بمكان مسرح، هذا لا يجوز إرسال المواشي فيه، وما أفسدت فيه ليلا أو نهارا فعلى أربابها، وضرب ثالث جرت عادة الناس بإرسال مواشيهم فيه ليلا أو نهارا، فأحدث رجل فيه زرعا لا ضمان فيها على أهل المواشي ليلا أو نهارا، وقال أبو عمر: إنما يسقط الضمان نهارا عن أرباب المواشي إذا أطلقت دون راع، وإن كان معها راع فلم يمنعها فهو كالقائد والراكب والسائق، وقد ضمن مالك - رحمه الله تعالى - القائد والسائق والراكب.

قال ابن ناجي - رحمه الله سبحانه وتعالى -: وهذا كله إذا لم تكن من المواشي التي شأنها العداء على الزرع، فإن كانت كذلك، وتقدم إلى أربابها، ضمنوا ما أصابته ليلا أو نهارا كالكلب العقور.


(١) ورواه أبو داود وابن ماجة والإمام أحمد، وهو حديث صحيح.

<<  <   >  >>