للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والظاهر أن الفرق أن من جعل غسلهما للنظافة، لا يرى غسلهما قربة بذاته، فهو عنده بمثابة الاستنجاء، فكما لا يؤمر به من لم يبل، كذلك لا يؤمر نظيف اليدين بغسلهما، وقد روى البخاري عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما -أنه وصف وضوء النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم - فابتدأ بالمضمضة، وأما غسل الجمعة فهو قربة في نفسه، وهو وإن قلنا إنه غير تعبدي، إلا أن تعليله بالنظافة ظني لا محقق، والمعلل بالمظنة لا يتخلف والله سبحانه وتعالى أعلم.

ووجه المازري -رحمه الله تعالى -في شرح التلقين الأمر بغسلهما مفترقتين بأن ذلك هو صفة التعبد في غسل الأعضاء قال ألا ترى أنه لا يشرع في غسل عضو حتى يستكمل غسل ما قبله، وإلى هذا أشار بعض أصحابنا في صفة غسلهما وهو ظاهر حديث ابن زيد في صفة وضوئه عليه الصلاة والسلام أنه غسل يديه مرتين مرتين (١) وإفراد كل واحدة بالذكر يدل على إفرادها بالغسل انتهى.

وقال ابن شاس في جواهره: وقد جاء في لفظ الحديث أيضا ما يقتضي الخلاف في ذلك وهو قوله: غسل يديه مرتين، وروي في بعض طرقه: مرتين مرتين انتهى.

وقال ابن عرفة: وفي استحباب غسلهما مفترقتين أو مجتمعتين نقلا ابن زرقون عن مالك وابن القاسم فذكرهما المارزي تخريجا على التعبد أو النظافة قصور انتهى.

وأما مقدار غسلهما فقال المازري: قد أشار بعض أصحابنا إلى غسلهما مرتين أخذا بحديث ابن زيد المتقدم، قال المازري: وأما على الحديث الآخر فالمختار ثلاثا، لقوله: " فليغسلهما ثلاثا " (٢) ولأنه القدر الذي تتعلق به الفضيلة في سائر أعضاء الوضوء المغسولة انتهى.


(١) الحديث متفق على أصله والرواية المذكورة ثابتة في الموطإ وسنن النسائي.
(٢) لم أقف عليه بلفظ الأمر، وهو مذكور في صفة وضوء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من حديث ابن زيد وغيره في الصحيحين وغيرهما.

<<  <   >  >>