قوله: وتجر من أوصي البيت، معناه أن تجر الوصي لليتيم بماله تبرعا منه جائز، ولا ضمان عليه بل هو مندوب، وقد جاء من فعل قوم من السلف - رضي الله تعالى عنهم أجمعين - وله أن يدفعه لغيره من الأمناء قراضا، أو بضاعة، وقد روى مالك ـ رحمه الله تعالى ـ في الموطإ أن عائشة ـ رضي الله تعالى عنها ـ كانت تعطي أموال اليتامى الذين في حجرها من يتجر لهم فيها، ويكره أن يعمل هو فيه قراضا مثلا، قال في المواهب: قال أبو الحسن: مخافة أن يحابي نفسه، لأنه معزول عن نفسه خوف أن يحابي نفسه، فإن عمل به بنفسه، فإن كان عمله مثل الجزء الذي سمى كان الربح بينهما على ما شرط، وإن خسر لم يضمن، وإن كان الجزء أكثر من العمل، كان له قراض مثله، فإن خسر اختلف هل يضمن أم لا والتضمين ضعيف.
وفي عقد الجواهر: قال محمد بن عبد الحكم: وله أن يبيع له بالدين، إن رأى ذلك نظرا، قال ابن كنانة: وله أن ينفق في عرس اليتيم ما يصلح من صنيع وطيب ومصلحته بقدر حاله، وحال من تزوج إليه، وبقدر كثرة ماله، قال مالك - رحمه الله تعالى -: وكذا في ختانه، فإن خشي أن يتهم رفع ذلك إلى السلطان، فيأمره بالقصد، وكل ما فعله على وجه النظر فهو جائز، وما فعله على وجه المحاباة وسوء النظر فلا يجوز.
وفي التاج: قال مالك: قال ربيعة - رحمهم الله تعالى جميعا -: ولو أن يشتري له ما يلهو به، وإن كان له سعة وسع عليه.
قوله: كذاك تزويج الإما له يحل، معناه أنه يحل للوصي أن يزوج إماء اليتيم إذا كان نظرا، لأنه ينظر له بما ينظر به لنفسه، فمدار الباب على النظر والمصلحة كما تقرر بقوله سبحانه وتعالى:(والله يعلم المفسد من المصلح).
قوله: ومثله وصيه ولو سفل، معناه أن وصي الوصي، كالوصي كما في المدونة، وذلك لرضى الميت بنظر وصيه.