قوله: ومن يكن قد ادعى الأبيات الثلاثة، معناه أن من حاز عقارا، دارا، أو أرضا، أو نخيلا، أو غير ذلك، عشر سنين فأكثر على المشهور، ثم ادعى عليه حاضر في هذه المدة مع السكوت عن الدعوى بلا مانع، من خوف ككون الحائز ذا سلطان، أو من ناحية ذي سلطان يخاف بأسه، أو قرابة، أو صهر، أو نحو ذلك، لم تسمع دعواه لقضاء العرف بكذبه، ولا تقبل بينته، ويصدق الحائز أن ذلك ملكه بيمين على المشهور، قال في المواهب: قال ابن رشد - رحمهما الله تعالى -: الحيازة لا تنقل الملك عن المحوز عنه إلى الحائز باتفاق، ولكنها تدل على الملك، كإرخاء الستور، ومعرفة العفاص والوكاء، وما أشبه ذلك، فيكون القول معها قول الحائز بيمينه.
ويشترط في الفوت بالحيازة أن يكون القائم مكلفا رشيدا، فلو كان في تلك المدة صبيا، أو مجنونا، أو سفيها، لم يفت عليه حتى تمضي تلك المدة بعد زوال تلك الأمور، ولا بد أن يكون عالما بحيازة الأجنبي، وبالملكية، فلو قال: ما كنت أعلم أنه ملكي، وقد وقفت على وثيقة أنه ملكي، قبل قوله مع يمينه، ويشترط جهل أصل مدخل الحائز في الحيازة، فإذا عرف لم ينتقل عنه بتطاول العهد، قال في المواهب: مسألة قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن رجل أصدق امرأة عن ابنه منزلا، فلما دخل ابنه بالمرأة، أخذت المنزل إلا حقولا يسيرة، تركتها في يد حموها، فلم تزل في يده حتى مات، بعد طول زمان، ثم أرادت المرأة أخذها، فمنعها ورثة الحمو، وقالوا قد عاينتها زمانا من دهرك وهي في يده، ولاتشهدي عليه بعارية، ولا كراء، ولا ندري لعلك أرضاك من حقك، أترى للمرأة في ذلك حقا؟ قال: نعم، لها أن تأخذ تلك الحقول التي هي مما كان أصدقها الحمو عن ابنه، ولا يضرها طول ما تركت ذلك في يد الحمو، لأنها ليست بالصدقة فتلزم حيازتها، وإنما الصداق ثمن من الأثمان، وكذلك لو تركت كل ما أصدقها في يد الحمو لم يضرها ذلك.