قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: هذه مسألة صحيحة بينة لا إشكال فيها، ولا اختلاف، لأن حقها تركته في يد حموها، فلا يضرها ذلك، طال الزمن أو قصر، لقول رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم -: " لا يبطل حق امرئ مسلم وإن قدم "(١) وليس هذا من وجه الحيازة التي ينتفع بها الحائز ويفرق بين القرابة والأجنبيين والأصهار فيها، إذ قد عرف وجه كون الأحقال بيد الحمو، فهي على ذلك محمولة، حتى يعرف مصيرها إليه بوجه صحيح، لأن الحائز لا ينتفع بحيازته إلا إذا جهل أصل مدخله فيها، وهذا أصل في الحكم بالحيازة وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.
وأما الأقارب فلا تكون الحيازة بينهم إلا بالزمن الطويل، كخمسين سنة، إلا بنقل الملك، وقال في التاج: ومن نوازل البرزلي: الحوز لا يقطع حق القرابة، إلا أن يثبت أن بينهم من عدم المسامحة والتشاح ما لا يترك فيه الحق هذه المدة، فيكون لذلك الزمان الإسقاط.
وقال في المواهب: قال ابن رشد - رحمهما الله تعالى -: وتحصل الحيازة في كل شيء بالبيع، والهبة، والصدقة، والعتق، والتدبير، والكتابة، والولاء، ولو بين أب وابنه، ولو قصرت المدة، إلا أنه إن حضر مجلس البيع فسكت حتى انقضى المجلس لزمه البيع في حصته، وكان له الثمن، وإن سكت بعده العام ونحوه استحق البائع الثمن بالحيازة مع يمينه، وإن لم يعلم بالبيع إلا بعد وقوعه، فقام حين علم، أخذ حقه، وإن سكت العام ونحوه، فليس له إلا الثمن، وإن لم يقم حتى مضت مدة الحيازة لم يكن له شيء، واستحقه الحائز، وإن حضر مجلس الهبة والصدقة والعتق والتدبير، فسكت حتى انقضى المجلس، فلا يكون له شيء، وإن لم يحضره، ثم علم، فإن قام حينئذ كان له حقه، وإن سكت العام ونحوه فلا شيء له، ويختلف في الكتابة هل تحمل على البيع أو العتق.