قوله: وعاصب النسب البيتين، معناه أنه إذا لم يكن للميت عاصب نسب، ورثه مواليه الأعلون، على ما تقدم بيانه في الولاء، فإن لم يكونوا أيضا جعل في بيت المال، إن كان يصرف في وجوهه، وإلا فقيل يتصدق به على الفقراء والمساكين، وقيل يدفع لذوي الأرحام، قال ابن يونس - رحمه الله تعالى -: قال القاضي إسماعيل: فمتى كان للميت عصبة من ذوي أرحامه فهم أولى، فإن لم يكونوا فالولاء، فإن لم يكن ولاء فبيت المال، فإن لم يكن بيت مال، فأولوا الأرحام، لما في ذلك من الآثار المتقدمة، لا سيما إذا كانوا ذوي حاجة، فيجب اليوم أن يتفق على توريثهم، وإنما تكلم مالك وأصحابه - رحمهم الله تعالى - إذا كان للمسلمين بيت مال، لأن بيت المال يقوم مقام العصبة، إذا لم يكن عصبة، ألا ترى أن الرجل لو قتل قتيلا خطأ، ولم يكن له عصبة ولا موالي، وجب أن يعقل عنه من بيت المال، فكذلك يكون ميراثه لبيت المال، وإذا لم يكن بيت مال، أو كان بيت مال لا يوصل إلى شيء منه، وإنما يصرف في غير وجهه، فيجب أن يكون ميراثه لذوي رحمه الذين ليسوا بعصبة، إذا لم يكن له عصبة ولا موالي، وإلى هذا رأيت كثيرا من فقهائنا ومشائخنا يذهبون في زماننا هذا، ولو أدرك مالك وأصحابه - رحمهم الله تعالى - مثل زماننا هذا لجعل الميراث لذوي الأرحام إذا انفردوا، والرد على من يجب له الرد من أهل السهام.