للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: طلب العلم والتفقه في الدين من فروض الكفاية، كالجهاد، أوجبه الله سبحانه وتعالى على الجملة، فقال سبحانه وتعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) ومن للتبعيض، فإذا قام بعض الناس سقط الفرض عن سائرهم، إلا ما لا يسع الإنسان جهله، من صفة وضوئه، وصلاته، وصومه، وزكاته إن كان ممن تجب عليه الزكاة، فإن ذلك واجب عليه، لا يسقط عنه الفرض فيه معرفة غيره به، وكذلك من كان فيه موضع للإمامة والاجتهاد، فطلب العلم عليه واجب، قاله مالك - رحمه الله سبحانه وتعالى -.

إلى أن قال: وكما يجب على المتعلم التعلم، فكذلك يجب على العالم التعليم، قال الله عز وجل: (بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) ويقرأ تعلمون - يعني بالتشديد مع ضم التاء - وتعلمون - يعني بفتح التاء وتشديد اللام - بمعنى تتعلمون، فتجمع القراآت الثلاث العلم والتعلم والتعليم، وقال الله عز وجل: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) وقال سبحانه وتعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) وقال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم: " بلغوا عني ولو آية " (١) وقال صلى الله تعالى عليه وسلم: " ألا ليبلغ الشاهد الغائب " (٢) وروي عن أبي ذر - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: لو وضعتم الصمصامة على هذه - وأشار إلى قفاه - ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قبل أن تجيزوا عليّ لأنفذتها (٣).


(١) رواه البخاري والترمذي والدارمي والإمام أحمد.
(٢) متفق عليه.
(٣) رواه البخاري معلقا جزما، ورواه الدارمي.

<<  <   >  >>