للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو عمر - رحمه الله تعالى -: إدخال مالك - رحمه الله تعالى - حديث أبي هريرة وأبي ثعلبة يدل أن مذهبه في النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع نهي تحريم، وأصل النهي أن تنظر إلى ما ورد منه، فما كان منه واردا على ما في ملكك، فهو نهي أدب وإرشاد، كالأكل من رأس الصحفة، والاستنجاء باليمين، والأكل بالشمال، وما طرأ على غير ملكك، فهو على التحريم كالشغار، وعن قليل ما أسكر كثيره، واستباحة الحيوان من هذا القسم، ولا حجة لمن تعلق بقوله سبحانه وتعالى: (قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه) الآية الكريمة، لأن سورة الأنعام مكية، وقد نزل بعدها نهي عن أشياء محرمات، وبإجماع أن النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع إنما كان بالمدينة المنورة.

قوله: كأهلي الحمير، معناه أنه صلى الله تعالى عليه وسلم نهى عن الحمر الأهلية، وكان ذلك يوم خيبر، وعبارة جابر - رضي الله تعالى عنه - في بعض الروايات حرم لحوم الحمر الإنسية، (١) وألحقت بها الخيل والبغال، لقوله سبحانه وتعالى: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة) فقد امتن سبحانه وتعالى بالركوب والزينة بها، والأكل أعظم منة، فاقتضى عدم ذكره عدم مشروعيته، إذ مقتضى البلاغة أن يمتن بالأعظم في الانتفاع، ولقوله سبحانه وتعالى: (ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) فالبيان ببهيمة الأنعام مؤذن بخروج غيرها، وإلى هذا الإشارة بقوله: والخيل والبغال كالأهلي إلخ، وفي بعض روايات حديث جابر - رضي الله تعالى عنه - أنه صلى الله تعالى عليه وسلم حرم لحوم البغال أيضا يوم خيبر (٢).


(١) متفق عليه.
(٢) رواه أبو داود والترمذي والإمام أحمد، وهو حديث صحيح.

<<  <   >  >>