للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثاني حديث " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت " (١) وحاصله النهي عن فضول الكلام الذي لا خير فيه، فضلا عن ممنوعه، وقد مدح سبحانه وتعالى بالإعراض عن اللغو في غير موضع من كتابه الكريم، وقد روى مالك - رحمه الله تعالى - في الموطإ بلاغا عن عيسى ابن مريم - على نبينا وعليهما أفضل الصلاة وأتم التسليم - أنه كان يقول: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله سبحانه وتعالى فتقسو قلوبكم، فإن القلب القاسي بعيد من الله سبحانه وتعالى ولكن لا تعلمون.

وروى عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - بلاغا أنها كانت ترسل إلى بعض أهلها بعد العتمة فتقول: ألا تريحون الكتاب؟ وذكر سيدي زروق عن مالك - رحمهما الله سبحانه وتعالى - أنه قال: من عد كلامه من عمله، قل كلامه إلا في ما يعنيه.

وفي جامع ابن أبي زيد قال مالك: ولم يكونوا يهذرون الكلام هكذا، ومن الناس من يتكلم بكلام شهر في ساعة.

وقال المناوي: العبد في سلامة ما سكت، فإذا تكلم عرف ما عنده بالنطق، فيعرض للخطر أو الظفر، وقال ابن عبد البر في كافيه: ومن شيم العاقل والعالم أن يكون عارفا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه، متحرزا من إخوانه، فلم يؤذ الناس قديما إلا معارفهم، والمغرور من اغتر بمدحهم، والجاهل من صدقهم على خلاف ما يعرف من نفسه.

ولا ينافي هذا أن يروح العبد نفسه في بعض الأوقات بذكر بعض الطرائف من غير تطويل، وقد كان الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - يتحدثون عند النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - بأمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم (٢).


(١) متفق عليه.
(٢) رواه مسلم والإمام أحمد.

<<  <   >  >>