مضارع اندفع مطاوع دفعه إذا رده، أشار بقوله: ولتنقلن إلى قوله: جبهة، إلى صفة غسل الوجه، فذكر أنه يأخذ الماء بيديه، وإن شاء أخذه بيده اليمنى خاصة، ثم جعله في يديه، ونقله إلى وجهه وأفرغه عليه، غاسلا له بيديه من أعلاه، أما أخذ الماء باليدين معا، أو باليمنى وحدها فالحكم فيه التخيير على ظاهره، ابن عرفة: الباجي: خير فيهما ابن حبيب والشيخ والقاضي انتهى
والأخذ بهما جميعا أولى عند مالك، وباليمنى فقط اختيار ابن القاسم، وصوبه ابن رشد -رحمة الله تعالى عليهم أجمعين ـ.
وأما نقل الماء إلى الوجه فظاهره اشتراطه، ووجهه عند من يراه دخول ذلك عنده في مسمى الغسل المأمور به في الآية الكريمة، قال ابن شاس في جواهره: وحقيقة الغسل نقل الماء إلى العضو مع الدلك.
ويقرب منه قول ابن الحاجب: غسل جميع الوجه بنقل الماء إليه مع الدلك على المشهور.
قال خليل: وظاهر المذهب أن النقل غير مشترط، خلافا لأصبغ وغيره
وقال ابن ناجي: وظاهر كلام الشيخ أن نقل الماء باليد شرط، وهو ظاهر كلام ابن حبيب، وعزاه ابن رشد لابن الماجشون وسحنون، وقيل إنه لا يشترط بل إنما المطلوب إيقاع الماء على سطح الوجه كيف ما أمكن ولو بميزاب، وهذا القول هو المشهور، وأخذ من قول ابن القاسم من مسألة خائض النهر، ولم يحفظ ابن عبد السلام غير الثاني، واختلف إذا ألقى رأسه إلى رش ماء ومسحه بيده، فقال ابن عبد السلام: المنصوص أنه لا يكفيه، وغلط فيه بعض المتأخرين، قال ابن ناجي: واعترضه بعض شيوخنا بقول ابن رشد يجزئ عند ابن القاسم، ووجه المشهور ما في الحديث من صب الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم -على أعضائه الشريفة في الوضوء -صلى الله تعالى عليه وسلم ـ (١).
(١) كما في حديث المغيرة بن شعبة ـ رضي الله تعالى عنه ـ عند الشيخين وغيرهما.