للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: أما اللحى الأبيات الثلاثة، أشار به إلى ما جاء في الصحيح من أمره صلى الله تعالى عليه وسلم بإعفاء اللحى، (١) ورأى مالك - رحمه الله تعالى - أن الأخذ منها إذا طالت حسن، ووجه ابن رشد - رحمه الله تعالى - وغيره ذلك بأن مبنى الأمر بإعفائها كونه زينة، وذلك يقتضيه تحسينها إذا خرجت إلى الشهرة بالطول الفاحش، قالوا: ومخالفة المشركين حاصلة مع ذلك، لأنهم يحلقونها، فالتقصير اليسير غير مخرج عن مخالفتهم، وعمل السلف الآتي صريح في أن ذلك هو المراد بالإعفاء، كنحو ما تقدم لابن رشد - رحمه الله تعالى - في إحفاء الشوارب والله سبحانه وتعالى أعلم.

وظاهر كلام من وقفت عليه من أهل المذهب الذين يعول على كلامهم في حد الأخذ أنه يكون بقدر ما تحسن به الهيئة، وأما التقصير الذي يقرب فيه من أصول الشعر فلا شك في عدم صدق الإعفاء عليه، وأما ما بين ذلك فقد نص القرطبي - رحمه الله تعالى - في المفهم على منعه، ونصه: ولا يجوز حلق اللحية ولا نتفها، ولا قص الكثير منها، فأما أخذ ما تطاير منها، وما يشوه، ويدعو إلى الشهرة، طولا وعرضا، فحسن عند مالك وغيره من السلف انتهى وأما ما ذكره بعض المتأخرين من الكراهة في ذلك فلم أقف عليه والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) متفق عليه من حديث ابن عمر ـ رضي الله تعالى عنهما ـ

<<  <   >  >>