وفي جامع ابن أبي زيد: قال مالك - رحمهما الله تعالى -: أكره للرجل سعة الثوب يلبسه، وأكره طوله عليه، قيل: فلباس الصوف الغليظ؟ قال: لا خير في الشهرة، ولو كان يلبسه تارة وينزعه أخرى لرجوت، فأما المواظبة حتى يعرف به ويشتهر، فلا أحبه، ومن غليظ القطن ما هو في مثل ثمنه وأبعد من الشهرة، وقد قال النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - لذلك الرجل: فليُر عليك مالك، وكان عمر يكسو الحلل، ويقول: أحب أن أرى القارئ أبيض الثياب، إلى أن قال: قيل أفيلبس الرجل القميص الرقيق؟ قال: إذا كان الإزار كثيفا فلا بأس أن يكون القميص رقيقا إذا كان قصدا، ولم يكن على وجه السرف.
وفيه عن مالك: لا بأس أن يأتزر الرجل تحت سرته ويبدي سرته إذا كان عظيم البطن.
قوله: وانه عن الصما البيت، أشار به إلى ما جاء في الصحيح من أنه صلى الله تعالى عليه وسلم نهى عن لبستين اشتمال الصماء، والصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه، فيبدو واحد من شقيه، وعن أن يحتبي بثوبه وهو جالس ليس على فرجه منه شيء، (١) قال ابن رشد - رحمه الله تعالى - في الكلام على الصماء: فإن كان عليه إزار جاز له أن يشتمل الصماء عليه، لارتفاع علة النهي، وهي انكشاف العورة، وقيل إن ذلك لا يجوز وإن كان عليه إزار، واختلف في ذلك قول مالك - رحمه الله تعالى - فوجه المنع من ذلك اتباع ظاهر الحديث بحمله على عمومه، وكيلا يكون ذريعة للجاهل الذي لا يعلم العلة في ذلك، فيفعله ولا إزار عليه، إذا رأى العالم يفعله وعليه إزار.